الاثنين، 21 فبراير 2011

الزكاة


الزكاة
الزكاة مشتقة في اللغة العربية من زكا والتي تعنى النماء والطهارة والبركة. وسميت الزكاة لأنها بحسب المعتقد الإسلامي تزيد في المال الذي أخرجت منه،‏ وتقيه الآفات، كما قال ‏ابن تيمية:‏ نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو‏، يَطْهُر ويزيد في المعنى‏. أما تعريفها اصطلاحاً فهي الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغنى، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام.

الزكاة في الشريعة الإسلامية

حصة مقدرة من المال فرضها الله للمستحقين الذين سماهم في القرآن،‏ أو هي مقدار مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة، ‏ ‏ ويطلق لفظ الزكاة على نفس الحصة المخرجة من المال المزكي‏.‏ والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقة كما ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم‏)‏ ‏سورة ‏التوبة :‏103‏‏ وفي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن‏:‏ ‏(‏ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» رواه البخاري.

الحكمة من شرعيتها
لحكمة من الزكاة‏ تطهير النفوس من البخل،‏ وهي من أعلى درجات التكافل الاجتماعي، ‏وهي عبادة مالية، وهي أيضا سبب لنيل رحمة الله‏,‏ ذكر القرآن‏: (‏ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة‏)‏ ‏سورة الأعراف :156،‏ وشرط لاستحقاق نصره الله‏,‏ ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز‏, الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة‏)‏ ‏سورة الحج :‏40- 41‏، ‏ وشرط لأخوة الدين‏، ‏ ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين‏)‏ ‏‏سورة ‏‏التوبة :‏11,‏ وهي صفة من صفات المجتمع المؤمن‏,‏ ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم‏)‏ ‏‏سورة التوبة:‏71‏‏,‏ وهي من صفات عُمّار بيوت الله‏,‏ ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله‏)‏ ‏سورة التوبة: ‏18‏،‏ وصفة من صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس، ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏والذين هم للزكاة فاعلون‏) ‏ سورة المؤمنون: ‏4‏.

مكانة الزكاة

وبينت السنة مكانة الزكاة فعن ابن عمر أن رسول الله قال‏:‏ ‏(‏أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله‏, ‏ وأنّ محمدًا رسول الله‏, ‏ ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏, ‏ وعن جرير بن عبد الله قال‏:‏ ‏(‏بايعت رسول الله على إقام الصلاة‏, ‏ وإيتاء الزكاة‏, ‏ والنصح لكل مسلم‏‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏, ‏ وعن ابن عمر أن رسول الله قال‏:‏ ‏(‏بني الإسلام على خمس‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله‏, ‏ وأن محمدًا رسول الله ‏, ‏ وإقام الصلاة‏, ‏ وإيتاء الزكاة‏, وصوم رمضان، ‏ وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا‏‏ ‏.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏.‏
شروط وجوبها

الإسلام، فلا تجب على غير المسلم.
ملكُ النصاب، فلا تجب على غير القادر.
حولان الحول (مُضى سنة كاملة) عدا الخارج من الأرض فزكاته تجب عند اشتداد الحب وظهور نضج الثمار.

أحكام الزكاة

تجب الزكاة في الأنواع التالية:
الأنعام (الإبل والبقر والغنم وبعض العلماء أوجبها في الخيول كذلك(
الذهب والفضة والمعدن والركاز منهما وما راج رواجهما في التعامل كالعملة الورقية والحلي (اختلف العلماء في وجوبها(
الخارج من الأرض كالحبوب والثمار والزروع المقتاتة حالة الإختيار.
أموال التجارة، ولكن لا تجب الزكاة في أدوات الإنتاج مثل المبانى والآلات والسيارات والمعدات والأراضى التي ليس الغرض بيعها والمتاجرة فيها.
ولا تجب قبل بلوغ النصاب وحولان الحول إلا في المعدن فإنها تجب حالا بعد تنقيته من التراب وفي الركاز فإنها تجب حالا إن بلغ النصاب.
والنصاب هو المقدار المعين من المال الذي لا تجب الزكاة في أقل منه وتختلف قيمة النصاب حسب نوع المال.
نصاب الزكاة وقدر الاخراج
أول نصاب الزكاة في الإبل خمسة ويخرج عنها شاة عمرها سنة ( جذعه ضأن(
أول نصاب البقر 30 ويخرج عنها ذكر أو أنثى من البقر لها سنتان[1].
أول نصاب العملات الورقية هو ما يكافئ (85) جراما تقريبا من الذهب الخالص ويتغير بتغير قيمة العملة، ونسبة زكاة الثروة النقدية 2.5 % سنوياً وفقـاً للسنـة الهجرية.

مصارف الزكاة

مصارف الزكاة ثمانية أصناف محصورة في قول القرآن "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم " سورة التوبة آية 60 وهم :

الفقراء: والفقير هو من لا يجد كفايته.
المساكين: والمسكين من يجد كفايته بالكاد وقد لا تسد حاجته.
العاملين عليها: وهم العمال القائمين على شأن الزكاة حيث أن الزكاة في الإسلام نظام كامل متكامل يتطلب من يقوم على تطبيقه والتفرغ التام لهومن ثم أجاز الشارع الحكيم لهؤلاء العاملين عليها أن يؤجروا منها أي الزكاة.
المؤلفة قلوبهم: وهم من يريد الإسلام أن يستميلهم، أو على الأقل أن يكفوا آذاهم عن المسلمين.
في الرقاب: وهم العبيد والإماء المكاتبون أي الذين اتفقوا مع من يملكونهم على أن يتم تحريرهم نظير مبلغ معين فتجوز الزكاة لهم حتى يصبحوا أحراراً.
لغارمين: والغارم هو الذي تراكمت عليه الديون فيأخذ من الزكاة مايفي دينه.
في سبيل الله: ويشمل العديد من الأعمال التي لا يبتغي فيها صاحبها إلا وجه الله ويعد من أوسع مصارف الزكاة.
ابن السبيل: وابن السبيل هو المسافر الذي قد يكون نفد ماله وهو في مكان غير بلده فيعطى مايكفيه للعودة إلى بلده.
الزكاة ال بيت النبى

الصدقة (الزكاة) لا تحل لآل النبي محمد؛ وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك عن النبي منها ما رواه مسلم في صحيحه : أن النبي كان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل منها وإن قيل صدقة لم يأكل منها [2]. كما قال النبي لعمه العباس بن عبد المطلب: ((إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة؛ إنما هي أوساخ الناس)) [3]. و عن أبي هريرة قال : أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله : ((كخ كخ، أرم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟)) متفق عليه [4].
وفي رواية : ((أنَّا لا تحل لنا الصدقة)) [5]، وقوله : ((كخ كخ)) يقال بإسكان الخاء ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات، وكان الحسن صبياً. ولكن زكاة غنيهم على فقيرهم جائزة وهذا هو رأي شيخ الإسلام.

مكانة الزكاة فى الاسلام

هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة، وعمود من أعمدة الدين التي لا يقام إلا بها، يقاتل مانعها، ويكفر جاحدها، فرضت في العام الثاني من الهجرة، وردت في كتاب الله عز وجل ثلاثين مرة في مواطن مختلفة، فالزكاة سبب لنيل رحمة الله تعالى:
)ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة .. } (156 ـ الأعراف (
وشرط لاستحقاق نصره سبحانه:
( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ، الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة..} (41 ـ الحج)
وشرط لأخوة الدين:
)فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين..} (11 ـ التوبة)
وهي صفة من صفات المجتمع المؤمن:
( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } (71 ـ التوبة(
ومن صفات عمار بيوت الله:
)إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله..} (18 ـ التوبة )
وصفة من صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس:
( والذين هم للزكاة فاعلون ) (4 ـ المؤمنون)
وبينت السنة مكانة الزكاة،
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)
وعن جرير بن عبد الله قال" بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام، الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم.

الزكاة فى الاسلام


الزكاة
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

كل مسلم له أدنى بصيرة يعلم أن الزكاة أمرها عظيم، وأنها من أركان الإسلام الخمسة، بل هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وقد جمع الله بينها وبين الصلاة في مواضع كثيرة من كتابه العظيم، وهكذا جمع بينهما الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة، ومن ذلك قول الله جل وعلا: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}[1]، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[2]، وقوله عز وجل: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[3]، وقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[4]، في آيات أخرى. ولقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، ورواه غيرهما أيضاً من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت))[5]. وفي لفظ آخر: ((بني الإسلام على خمس: على أن يعبد الله وحده ويكفر بما دونه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة...))[6] الحديث. وهذا يبين لنا عظم شأن الزكاة وأنها في كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام قرينة الصلاة، والصلاة لا يخفى عظم شأنها فهي عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، وقد قال الله فيها جل وعلا: ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين))[7]. وقال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر))[8]. وقال فيها النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))[9] فالصلاة عمود الإسلام وأهم أركانه وأعظمها بعد الشهادتين، والزكاة أختها وقرينتها، فالصلاة حق لله تتعلق بالبدن فهي عبادة بدنية يقوم فيها العبد بين يدي ربه، يناجيه ويذكره ويدعوه ويقرأ كتابه سبحانه، فأمرها عظيم وتأثيرها في القلوب عظيم، وهي التي من أقامها وأدى حقها نهته عن الفحشاء والمنكر، وصارت سبب سعادته وسلامته ونجاته وصلاح قلبه وعمله، وهي التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام لما ذكرها بين أصحابه في بعض أيامه قال فيها عليه الصلاة والسلام: ((من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف))[10] خرجه الإمام أحمد وغيره بإسناد حسن. قال بعض أهل العلم في هذا الحديث: إنما يحشر مضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة الكبار الدعاة إلى النار، إنما يحشر معهم؛ لأنه شابههم في أعمالهم الخبيثة، فالذي ضيعها من أجل الرياسة والملك والسلطان قد شابه فرعون؛ فإنه شغله كبره وملكه وعلوه في الأرض حتى كذَّب موسى وطغى وبغى فأهلكه الله، فيحشر معه من شابهه يوم القيامة إلى النار، وإنما يحشر من ضيع الصلاة مع هامان وزير فرعون إذا شغله عنها الوظيفة أو الوزارة وأعمال الوزارة فإنه يحشر مع هامان وزير فرعون إلى النار؛ لكونه شابهه في اشتغاله بالوزارة وحق الرياسة على طاعة الله ورسوله، وإنما يحشر من ضيعها من أجل المال والشهوات مع قارون؛ لأنه شابهه في ذلك، فقارون شغل بالمال والشهوات وتكبر عن الحق وطغى وعصى نبي الله موسى فخسف الله به وبداره الأرض وصار إلى النار فمن شابهه باشتغاله بالشهوات والمآكل والمشارب والمراكب ونحو ذلك حشر معه إلى النار نعوذ بالله، ومن شغل عن الصلاة بالبيع والشراء والمعاملات والأخذ والعطاء والدفاتر وغير ذلك فقد شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة فيحشر معه إلى النار نعوذ بالله. وإذا كانت الصلاة هذا شأنها وهذا عظمها وخطرها، فالزكاة أيضاً شأنها عظيم وهي أختها وقرينتها، فمن شغل عنها بالبخل وحب المال حشر مع أعداء الله الذين آثروا المال على طاعة الله ورسوله. ومما جاء في ذلك عن النبي صلى اله عليه وسلم أنه قال لما بعث معاذاً إلى اليمن: ((ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم))[11] وهذا يدل على أنها فرضت للمواساة والإحسان، فهي حق مالي ينبغي للمؤمن أن يُعنى به ويحرص عليه حتى يؤديه إلى مستحقيه، ومن هذا حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله))[12]. فدل هذا الحديث وما جاء في معناه على أن الذي يبخل بالزكاة ويمتنع منها ويقاتل دونها ولا يؤديها فإنه يباح قتاله، كما قاتل الصديق رضي الله عنه مانعيها؛ لأنه لا يكون معصوم الدم إلا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولهذا لما امتنع بعض العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من الزكاة قاتلهم الصحابة حتى يؤدوها، فإن بعض العرب لما توفي النبي عليه الصلاة والسلام ارتدوا عن الإسلام وتنوعت ردتهم، فبعضهم قال: لو كان نبياً ما مات، وجهل أن الأنبياء ماتوا قبله عليه الصلاة والسلام. وبعضهم قال: هذه الزكاة لن نؤديها. وبعضهم ارتد بأنواع أخرى، فقام أبو بكر في الناس خطيباً رضي الله عنه وأرضاه، وحث الصحابة على قتالهم حتى يدخلوا في الإسلام كما خرجوا منه، فراوده عمر في ذلك وقال له: (كيف تقاتل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟) فقال أبو بكر: (إنا قد أمرنا أن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإذا فعلوا ذلك عصموا منا دماءهم وأموالهم إلا بحقها). قال الصديق رضي الله عنه: (أليست الزكاة من حق لا إله إلا الله، والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عقالاً) وفي لفظ (عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها). قال عمر: (فما هو إلا أن عرفت أن الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق)[13]. فأجمع الصحابة على هذا وقاتلوا المرتدين وجاهدوهم جهاداً عظيماً حتى أدخلوهم في الإسلام كما خرجوا منه، إلا من سبقت له الشقاوة فقتل على ردته نعوذ بالله من ذلك كمسيلمة الكذاب وجماعة معه، وجماعة من بني أسد، وجماعات غيرهم، استمروا في كفرهم فقاتلهم الصحابة حتى قتلوهم، وهدى الله من هدى منهم من بقاياهم. فالحاصل والخلاصة أن الزكاة مكانتها عظيمة في الإسلام وأنها الركن الأعظم بعد الصلاة والشهادتين، وأن الواجب على المسلمين أداؤها إلى مستحقيها، وإذا طلبها ولي الأمر وجب أن تؤدى إليه، فإن لم يطلبها وزعها المؤمن بين الفقراء والمستحقين لها، والله بيَّن أهلها في قوله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[14] هؤلاء أهلها.

الفقراء والمساكين: هم الذين ليس عندهم مال يكفيهم؛ والفقير أشد حاجة، والمسكين أحسن حالاً منه، وإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، فإذا قيل: الفقراء دخل فيهم المساكين، وإذا قيل المساكين دخل فيهم الفقراء، وهم من لم يكن عندهم كفاية، يعني عندهم بعض الشيء ولكنه يسير لا يكفيهم ولا يقوم بحالهم فيعطون من الزكاة ما يكفيهم سنتهم، كل سنة يعطون ما يكفيهم ويكفي عوائلهم في حاجاتهم الضرورية سنة كاملة.

أما العاملون عليها: فهم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جبايتها والسفر إلى البلدان والمياه التي عليها أهل الأموال حتى يجبوها منهم، فهم جباتها وحفاظها والقائمون عليها يعطون منها بقدر عملهم وتعبهم على ما يراه ولي الأمر.

والمؤلفة قلوبهم: هم الذين يطاعون في العشائر، وهم السادات من الرؤساء والكبار، والذين يطاعون في عشائرهم بحيث إذا أسلموا أسلمت عشائرهم وتابعوهم، وإذا كفروا، كفروا معهم، وهم الكبار والرؤساء الذين يتألفون في الإسلام، ويعطون من الزكاة ليقوى إيمانهم، أو ليسلم نظيرهم، أو ليحموا جانب الإسلام من الأعداء، فيعطون من الزكاة ما يكون سبباً لقوة إيمانهم، أو لدفاعهم عن الإسلام، أو لإسلام من وراءهم وأشباه ذلك.

وفي الرقاب: هم الأرقاء الذي يعطون من المال ما يعتقون به رقابهم، وهم المكاتبون الذين يشترون أنفسهم من سادتهم بأموال منجمة مرتبة فيعطون من الزكاة ما يقضي به دينهم وتعتق به رقابهم، ويجوز على الصحيح أيضاً أن يشترى منها أرقاء فيعتقون، فيشتري صاحب الزكاة منها أرقاء فيعتقهم منها، فإن هذا داخل في الرقاب، ويدخل في ذلك على الصحيح أيضاً عتاق الأسرى، أسرى المسلمين بين الكفار، يدفع من الزكاة للكفار الفدية حتى يطلقوا المسلمين وحتى يفكوا أسرهم.

أما الغارمون: فهم أهل الدين الذين يستدينون الأموال في حاجاتهم المباحة، وحاجات عوائلهم أو لإصلاح ذات البين، يتحملون المال ليصلحوا بين الناس عند قيام الفتن والشرور والعداوات والشحناء، يقوم الإنسان ليصلح بين الناس ويتحمل أموالاً للإصلاح بينهم، فيعطى هذا المتحمل ولو كان غنياً يعطى ما تحمله من الزكاة؛ لأنه قد سعى في خير وقام في خير، كما يعطى المدين العاجز عن قضاء الدين في حاجات نفسه وحاجات عياله يعطى من الزكاة ما يُسَدُّ به الدين.

والسابع: في سبيل الله: هم أهل الجهاد، وهم المجاهدون الغزاة يعطون في غزوهم ما يقوم بحاجاتهم من السلاح والمركوب والنفقة إذا لم يحصل لهم هذا من بيت المال، يعطون من الزكاة ما يقيم حالهم ويعينهم على جهاد أعدائهم من الخيل والإبل وأنواع الآلات من ذلك والنفقة والسلاح حتى يجاهدوا أعداء الله.

والثامن ابن السبيل: وهم الذين ينتقلون من بلاد إلى بلاد فينقطعون في الطريق إما لذهاب نفقتهم في الطريق إذا طال السفر عليهم، أو لأن عدواً من قطاع الطريق أخذهم وأخذ أموالهم، أو لأسباب أخرى ذهبت نفقاتهم، فيعطون من الزكاة ما يوصلهم إلى بلادهم ولو كانوا أغنياء؛ لأنهم في الطريق ليس عندهم ما يقوم بحالهم ولا يلزمهم الاقتراض، بل يجب أن يعطوا في الطريق ما يسد حاجاتهم إلى أن يصلوا بلادهم التي فيها أموالهم. فالزكاة فيها خير عظيم ومصالح جمة للمسلمين في صرفها في هذه الجهات الثمان، فلها أثر عظيم في كفاية الناس وإعانتهم على ما أوجب الله عليهم، والتخفيف مما يثقل عليهم من الديون وغير ذلك مما يهمهم كعتق الرقاب، وتزويد المجاهدين بما يعينهم، ومساعدة أبناء السبيل إلى غير ذلك مما يدخل في الأصناف الثمانية، وهذا من لطف الله ومن عظيم إحسانه إلى عباده حيث جعلهم متعاونين غنيهم يساعد فقيرهم، فيتعاونون على البر والتقوى مما أعطاهم الله. وفي إخراج الزكاة شكر لله على ما أحسن إليهم فهو سبحانه المحسن المتفضل، ومن شكره عليك أيها المسلم أن تؤدي الزكاة وأن تحمد الله الذي جعلك تعطي ولا تأخذ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((اليد العليا خير من اليد السفلى))[15] واليد العليا هي المعطية وهي المنفقة، والسفلى هي الآخذة والسائلة، فاحمد الله الذي جعلك صاحب يد عليا تنفق وتحسن وتجود على عباد الله، ثم في الزكاة الطهرة لك والطهرة لمالك، والزكاة لك ولمالك كما قال الله سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}[16] فهي خير لك في الدنيا والآخرة تطهر بها مالك وتحفظ بها مالك وتطهر بها أنت، كما قال الله سبحانه في الآية السابقة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} والمسكين الفقير إذا ساعدته وأعطيته مما أعطاك الله كان لك في ذلك خير عظيم وفضل كبير؛ لأنك أزلت شدته وفرجت كربته، وواسيته بمالك، فلها عنده منزلة عظيمة وربما دعا لك بدعوة يقبلها الله يكون فيها سعادتك ونجاتك في الدنيا والآخرة، وأنت تعطي من خير كثير لا يضرك، وهو ينتفع بذلك نفعاً عظيماً، وتفرج بها الكروب وتحسن بها إلى الأطفال وإلى الشيوخ الكبار وإلى العجائز وإلى المنقطعين فيحصل لك بهذا فضل عظيم وأجر كبير، وقد توعد الله سبحانه من بخل بالزكاة ولم يؤدها، فقال عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}[17] وهذه عاقبة من بخل بالزكاة عاقبته النار يعذب بهذا المال الذي جمعه وبخل به وتعب عليه، يكون عذاباً عليه يوم القيامة، يعذب به يوم القيامة جزاءً وفاقاً؛ لما بخل به ولم يؤد حقه صار بلاءً عليه، وكل مال لا يؤدى حقه وما أوجب الله فيه هو كنز، والذي تؤدى زكاته ليس بكنز، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز))[18] فالمال عندك ولو كان في الأرض السابعة إذا أديت حقوقه ليس بكنز عليك، ولا يضرك، والذي على وجه الأرض وبين يديك كنز، إذا لم تؤد حقه تعذب به يوم القيامة.وصح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها - وفي لفظ: زكاتها - إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي حقها إلا بسط لها بقلع قرقر تطأه بخفافها وتعضه بأفواهها كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب بقر أو غنم لا يؤدي زكاتها - وفي لفظ: حقها - إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر تمر عليه تطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها، كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار))[19]، وهذا وعيد عظيم يدل على عظم الخطر في البخل بالزكاة وعدم أدائها، وأن ماله يوم القيامة شر عليه وبلاء عليه سواء كان نقوداً أو حبوباً أو ثماراً أو إبلاً أو بقراً أو غنماً، كلها يعذب بها يوم القيامة، في الإبل والبقر والغنم بيَّن النبي كيف عذابه وفي الذهب والفضة كذلك، وما سواها يلحق بها، نسأل الله العافية والسلامة. فعلينا أيها الإخوة وعلى جميع المسلمين التواصي بهذا الأمر العظيم، علينا أن نتواصى في حق الله وأن نجتهد في ذلك وأن نذكِّر بالله من غفل، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، فأمر الزكاة واضح، وأمر الصلاة واضح، وأمر الصيام واضح، ولكن الإنسان قد يغفل ويرين على قلبه كثير من الذنوب وتثقل عليه الطاعات وتسهل عليه المعاصي مثل تزيين الشيطان ونواب الشيطان حتى يغفل عن الله والدار الآخرة، وحتى يثقل عليه أداء حق الله في المال وغير المال، وحتى تسهل عليه طاعة الشيطان والسير مع إخوان الشياطين سير الجهل والغفلة واستيلاء حب المال والشهوات على قلبه وقلة الجليس الصالح، وكثرة الجليس المنحرف، فالواجب التذكير بالله، والله يقول: {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}[20]، ويقول سبحانه: {فذكر إنما أنت مذكر}[21]، فالمؤمن يذكِّر أخاه ولا يقول: أخي عنده علم يدري عن هذا، لا، إذا رأيت منه شيئاً من التفريط والتساهل أو ظهر لك شيء من الغفلة والإعراض فانصح أخاك وذكره بالله بالعبارات الحسنة والأسلوب القيم الذي يتضمن العطف عليه والخوف عليه والحرص على نجاته وسعادته، فأخوك من نصحك ونبهك، وليس أخوك من غفل عنك وأعرض عنك وجاملك، ولكن أخاك في الحقيقة هو الذي ينصحك والذي يعظك ويذكرك، يدعوك إلى الله، يبين لك طريق النجاة حتى تسلكه ويحذرك من طريق الهلاك ويبين لك سوء عاقبته حتى تجتنبه ولا تيأس ولا تقل هذا ما فيه خير ما ينفع فيه شيء، ولا تيأس فالله سبحانه يقول:{وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ}[22]، ويقول سبحانه: {لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ}[23]، فكم من مجرم، وكم من عاص مضى عليه سنون وهو في غفلته وفي سكرته وطاعة الشيطان ثم يوفق لمن يرشده وينبهه ويدعوه إلى الخيرفينتبه ويدعو للذي نبهه، فيهديه الله ويرجع إلى الصواب ويتوب إلى الله مما سلف منه فيغفر الله له ويكفر سيئاته الماضية، فلا تيأسوا ولا تقنطوا أيها الإخوة، الآن شخص من إخوانكم بعد صلاة المغرب تكلم في أذني وقال: إني جئت من مسجد النصيري مسجد التركي والأسواق ملأى ولم يصلوا، ويبكي ويقول: هذا أمر لا يصبر عليه، فالأمر يحتاج إلى تناصح وتعاون ولا يقال: الهيئة تكفي. الهيئات عليها واجب عظيم، وهي مسئولة عن تقصيرها ونسأل الله لها العون والتوفيق وصلاح النية والعمل، وولاة الأمور عليهم واجب عظيم وهم مسئولون أكثر، وعلى كل مسلم وعلى طالب العلم وعلى العلماء وعلى القضاة كل عليه نصيبه في إنكار المنكر والدعوة إلى الخير، ولو أن الناس تعاونوا وتكاتفوا وتواصوا بالحق لقلَّ الشر وكثر الخير، فالأسواق فيها من يضيع الصلاة ويجلس والناس يصلون، والصلاة تقام وهو حول المسجد جالس، فهذا ينبه ويذكر بالله ويتكلَّم عليه، كل واحد، ما هو بواحد فقط، كل واحد يمر عليه يستنكر هذا، ألا تتقي الله ألا تخاف الله، الناس يصلون وأنت جالس، حتى ولو كان مسافراً ليس له أن يجلس أمام الناس بل عليه أن يقوم ليصلي مع الناس ولو نافلة، لا يجلس أمام الناس ويتظاهر بعمل الكفار، فالنبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجل والصلاة تقام ولم يقم فقال: ((ألست برجل مسلم))[24] وأمره أن يصلي مع الناس ولو كان قد صلى، وفي صلاة الفجر في منى في حجة الوداع قال له بعض الناس: يا رسول الله إن هناك رجلين ما صليا معنا، فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: ((ما منعكما أن تصليا معنا؟)) قالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا. قال: ((لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام يصلي فصليا معه، فإنها لكما نافلة))[25]، فإذا أتى الرجل المسجد والناس لم يصلوا فالمشروع له ألا يجلس وراء الناس، بل يدخل معهم في الصلاة، إذا دخل من أولها كملها وإن فاته شيء منها قضى بعد ذلك وكانت له نافلة. ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، قال للسائل: ((صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل معهم ولا تقل صليت فلا أصلي، بل صل معهم ولو أنك قد صليت فتكون لك نافلة))[26]، فهؤلاء الذين يجلسون في الطرقات وقت الصلاة يجب أن ينكر عليهم ذلك، ولو قال أحدهم: إني صليت، فقل له: ولو كنت صليت لا تجلس والناس يصلون عند المسجد وحول المسجد، اختف عن الناس إذا كنت صليت وإلا صل مع الناس تكن لك نافلة ولا تجلس أمام الناس فتكون باباً للكسالى والمنحرفين وأصحاب التثاقل عن الصلاة بل سارع إلى الصلاة وصل مع إخوانك وتكون لك نافلة إذا كنت قد صليت، ولا تخرج من محل صلاتك حتى يصلي الناس. وينبغي للناس أن تكون صلاتهم متقاربة من الأئمة وأهل المساجد حتى لا يحتج المتكاسل والمفرط بأنه صلى في كذا أو صلى في كذا، والمقصود أن الواجب هو التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، والله أخبر سبحانه عن عباده الرابحين الناجين السعداء بأنهم يتواصون بالحق والصبر، فقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر}[27]، فأخبر سبحانه أن هؤلاء هم الرابحون، وهم السعداء الذين اجتمعت فيهم الصفات الأربع: الإيمان الصادق بالله ورسوله، ثم العمل الصالح، يعني إيمان له ثمرة، إيمان أثمر وظهرت آثاره في أعمال الإنسان، فالإيمان بالقلب وحده ما يكفي فلابد من إيمان بالقلب مع إيمان بالجوارح، فيؤمن بقلبه ويعمل بجوارحه، فإذا آمن أن الصلاة حق فعليه أن يصلي، وإذا آمن أن الزكاة حق فعليه أن يزكي، وإذا آمن أن الصوم حق فعليه أن يصوم، وهكذا، العمل من الإيمان والقول من الإيمان، فالإيمان قول وعمل وعقيدة، والسعداء الرابحون هم الذين جمعوا بين الإيمان الصادق والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، هؤلاء هم الرابحون، وهم السعداء؛ لأنهم آمنوا بالله ورسوله إيماناً صادقاً ووحدوا الله وصدَّقوا رسولهم محمداً عليه الصلاة والسلام، وصدَّقوا بأخبار الله ورسوله الثابتة، وأتبعوا هذا بالعمل فأدوا فرائض الله وتركوا محارم الله وكفوا عنها، ثم تواصوا بالحق مع إخوانهم، لم يكسلوا ولم يضعفوا، تواصوا بالحق وتعاونوا على البر والتقوى ودعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، ثم مع ذلك صبروا؛ لأن هذه الأمور لن تحصل إلا بالصبر، من أراد هذه الأمور بدون صبر فقد طلب المحال، لابد من صبر ولابد من الاستعانة بالله في ذلك، تستعين بربك على هذه الأمور، وتشكره وتستعين به وتجتهد فيما أوجب الله عليك، وتنصح وتدعو على ذلك، عليك بالتعب، لاشك أن فيه تعباً ومشقة، لكن طريق الجنة محفوف بالمكاره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((حفَّت النار بالشهوات وحفَّت الجنة بالمكاره))[28]، فطريق الجنة فيه عقبات لابد من تجاوزها بالصبر، وأعظمها هوى نفسك وشيطانك، ودعاة السوء هم أعظم العقبات، شيطان مزين ونفس أمارة بالسوء وأعوان مفسدون وأصحاب مفسدون وأخدان ضالون، يضرونك ويضلونك، فلابد من صبر على مخالفتهم، ولابد من صبر على طاعة الرحمن وعلى عصيان الشيطان، ولابد من صبر في مخالفة الهوى، فالهوى يردي ويهوي بصاحبه إلى النار، فلا يتم لك أمر السعادة إلا بالله ثم بالحذر من الهوى والاستقامة على طريق الهدى والصبر على ذلك. ومعلوم أن الواجب على كل إنسان أن يبادر بالصلوات الخمس في وقتها في الجماعة، ويحافظ عليها ويدع أشغاله وقت الصلاة، ويدع النوم وقت الصلاة وغير ذلك مما يصده عن الصلاة، ولاشك أن ذلك صعب على بعض النفوس، لكن الإنسان إذا روَّض نفسه وجاهدها صارت هذه الأعمال نعيماً يجده في قلبه، وصارت نفسه مطيَّةً له في هذا تطاوعه؛ لأنه روضها وجاهدها فتكون بعد ذلك مطية ذلولاً تساعده على طريق الخير؛ لأنه عودها الخير وروضها عليه، فإذا جاء وقت الصلاة نشط قلبك وارتحت لحضورها وبادرت بكل سرور وبكل راحة، وهكذا بقية العمال، وإذا تساهلت في ذلك وتهاونت بذلك وأطعت النفس الأمارة بالسوء في الجلوس على الملاهي، أو في التحدث مع الأصحاب، أو في النوم وقت صلاة الفجر أو وقت صلاة العصر إلى غير ذلك، لعب عليك الشيطان وتكاثف الحجاب عليك وعلى قلبك، واشتد الهوى وعظم وضعفت الرغبة فيما عند الله وصارت الصلاة ثقيلة وشديدة؛ لأن القلب قد وهن بطاعة الهوى والشيطان وما زيَّنه للعبد من التثاقل والتعلل بما يضر العبد من الرجاء وقوله: إن الله غفور رحيم، إن الله عفو كريم، يحتج به على باطله، وينسى قوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم.وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ}[29] وينسى قوله تعالى: {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ}[30]، هو غفور رحيم لمن تاب إليه وأناب، وهو عظيم العقاب شديد العذاب عظيم الانتقام لمن تهاون في حقه وتساهل.

رزق الله الجميع التوفيق والهداية، ووفقنا وإياكم لما يرضيه وهدانا صراطه المستقيم، وعلَّمنا ما ينفعنا وأعاننا على طاعة ربنا وعلى أداء حقه، وجعلنا جميعاً من المتعاونين على البر والتقوى

الدقهلية



الدقهلية
تقع محافظة الدقهلية شمال شرق الدلتا بمصر. عاصمتها هي مدينة المنصورة، ويبلغ عدد سكان المحافظة حوالي 5 مليون نسمة مما يجعلها من أكبر محافظات مصر سكاناً. سميت الدقهلية بهذا الاسم نسبة إلى قرية دقهلة وهى قرية قديمة تقع حالياً بمركز الزرقا محافظة دمياط. وتقع محافظة الدقهلية في القطاع الشمالي الشرقي لدلتا النيل حول فرع دمياط. يحدها من الشرق محافظة الشرقية ومن الغرب محافظة الغربية ومن الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الشمال الشرقي محافظة دمياط ومن الشمال الغربي محافظة كفر الشيخ ومن الجنوب محافظة القليوبية بين خطى عرض 30.5 °، 31.5 °، شمالاً، وخطى طول 30 °، 32 ° شرقا
المساحة
تبلغ المساحة الكلية لمحافظة الدقهلية 53,459 كم2
السكان
بلغ عدد السكان في محافظة الدقهلية في 1/1/2008 (4,985,178 نسمة) بنسبة 7 % من إجمالى عدد سكان الجمهورية (السادس) وبلغ معدل النمو السكاني بنسبة 1.9 %
عدد السكان 5,092,316
- الكثافة 31 نسمة/كم²
العيد القومي 8 فبراير
المحافظ
المنصورة• المنزلة • الجمالية • دكرنس • منية النصر • ميت سلسيل • ميت غمر • أجا • طلخا • بلقاس • السنبلاوين • بني عبيد • تمى الأمديد • المطرية • مركز نبروه • مركز جمصة • الكردى
عيد دقهلية
تحتفل محافظة الدقهلية بعيدها القومي وذلك في الثامن 8 من شهر فبراير الحالي وتعتبر محافظة الدقهلية عروس النيل من اكبر محافظات الجمهورية واعرقها اتصالا بالتاريخ والحضارة........
لمحة تاريخية ...
بعد انتهاء الحملة الصليبية على مصر عام1221 م واضطرار الفرنج الى طلب الصلح بدون قيد ولا شرط والرحيل عند مياط والعودة الى بلادهم فى أواخر سبتمبر عام 1221 م، عاود الصليبيون هجومهم على مصر عام 648 هـ م بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا وذلك من خلال الحملة الصليبية السابعة حيث تقدمت صفوف الصليبين فى الحملة واكتسحوا دمياط وأخذت الحملة تقترب من أسوار المنصورة، وفى ظهر يوم الثلاثاء الموافق فبراير1250م سجل التاريخ فصلا جديدا مليئا بالأمجاد لشعب المنصورة واشتهر فى التاريخ باسم معركة المنصورة حيث امتنع أفراد الشعب عن التجول فى المدينة وأغلقوا الأبواب والنوافذ وبدت المدينة فى صمت رهيب، ليطمئن الصليبيون ويدخل المونت (دارتوا) على رأس قواته فى خيلاء وثقة – وفجأة خرج شعب المنصورة عن بكرة أبيه الرجال والنساء والشيوخ والأطفال يهاجمون فى ضراوة قوات العدو وفلولها التى هربت الى الأزقة مستخدمين كل ما تطوله أيديهم من وسائل للدفاع عن النفس مثل الحجارة والطوب والأواني النحاسية ويلقون بها فوق أسطح المنازل، كما انتزعوا الأبواب والشبابيك من بيوتهم وألقوا بها فى عرض الأزقة لعمل متاريس تحول دون هروب الأعداء وأجسادهم الممزقة وانطلقت صيحات النصر والتكبير لشعب المنصورة البطل، واستمر شعب المنصورة، وفر الملك لويس مع قواته شمالا حتى تم أسره بقري.ميت الخولي عبدالله يوم أبريل سنة1250م واقتاده الأهالي ليتم أسره بدار القاضي فخر الدين ابن لقمان بالمنصورة، ولم يخرج منها الملك الأسير إلا ذليلا مقهورا بعد دفع فدية كبيرة من المال فى7 مايو م.
المنصورة في قلب التاريخ...

أنشاها الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر أيوب من ملوكالدولة الأيوبية فى العصور الوسطي فى عام616 هـ م على ضفة النيل الشرقية عندما عسكر الملك الكامل الأيوبي بالبقعة التى شغلتها مدينة المنصورة بعد سقوط دمياط بيومين وأعد عدته للكفاح واتخذ من هذا المكان مركزا للدفاع عن مصر وسميت هذه البقعة بالمنصورة تفاؤلا لها بالنصر، ولم يزل حتى استرجع مدينة دمياط وكم كانت فرح الملك الكامل عظيما حينما جلس بقصره فى تلك المدينة مع إخوته وأهله يستمع الى الموسيقى والغناء.
كان الملك الكامل الأيوبي ابن أخ البطل صلاح الدين الأيوبي قد ظل فى الحكم عشرين عاما (1218-1238) الى أن توفى فىدمشق1238 م بعد أن أسس مدينة المنصورة وانتصر الشعب المصري على الفرنج. ظهرت أول خريطة لمدينة المنصورة فى نهاية القرن التاسع عشر سنة 1887
اثارات المحافظة.....

توجد بمحافظة الدقهلية مناطق أثرية عديدة تمثل حضارة طويلة من تاريخ مصر في مختلف العصور واهم المناطق الأثرية بالدقهلية هي:
- تل تمي الأمديد وقد سمي باليونانية \"ثمويس\" ويسمى أيضا تل ابن سلام
مسجد ومئذنة الغمرى الأثرية بميت غمر: ويرجع تاريخ هذه المئذنة إلى العصر المملوكي وهى ذات طراز فريد في نوعها حيث لا يوجد له مثيل في الدلتا وهى تشبه في طرازها مئذنة زاوية الهنود بالجامع الأزهر في القاهرة والتي ترجع إلى نفس العصر
زاوية الأمير حماد: وتقع هذه الزاوية بجوار المسجد الغمرى ويرجع تاريخها إلى العصر المملوكي. مسجد ومئذنة الشيخ سطوحي بمدينة برمبال القديمة
تل المقدام: ويقع في كفر المقدام التي تبعد 10 كم عن مدينة ميت غمر ولهذا التل أهمية كبيرة إذ تبلغ مساحته حوالي 120 فدان حيث يسمى في العصراليوناني الروماني هيلوبولس هذا وتظهر به حالياً بعض بقايا من التماثيل والأحجار المنقوشة بكتابات هيروغليفية كنيسة القديس مارجرجس: تقع بميت دمسيس مركز أجا وهى تتكون من مبنيين أحدهما يرجع إلى اكثر من 1600 عام والآخر الحديث إلى 120 عام. دير الشهيدة القديسة دميانة بقرية دميانة مركز بلقاس. كنيسة القديس مارجرجس والقمص بطرس بانوب (جسده كما هو لم يتغير) – شربين
ضريح الصحابي الجليل عبد الله ابن سلام ويقع بجزيرة ابن سلام ببحيرة المنزلة.
دار ابن لقمان: وتقع بجوار مسجد الموافي وسط مدينة المنصور وقد آخذت شهرتها بعد أن سجن فيها لويس التاسع ملك فرنسا وقائد الحملة الصليبية على مصر (1249 - 1250 م) لمدة شهر حيث فدته زوجته وأطلق سراحه في 7 مايو 1250م وقد أنشئ بالدار متحف تاريخي يحوى الكثير من اللوحات والمعلومات والصور التي توضح دور الشعب المصري في تحطيم قوات الصليبين بجانب بعض الملابس والأسلحة التي استخدمت في المعركة.
تل الربع هو أطلال مدينة منديس الفرعونية تل تمي الأمديد وقد سمي باليونانية "ثمويس" ويسمى أيضا تل ابن سلام وقد عثر فيه على آثار من عهود مختلفة لأن المدينة لعبت دوراً هاماً في جميع عصور التاريخ وبخاصة في العصر المتأخر هي وجارتها "منديس" التي كان منها ملوك الأسرة 29.
مسجد ومئذنة الشيخ سطوحي بمدينة برمبال القديمة –
تل البلامون وهو يقع في الشمال الغربي من شربين ويبعد عنها حوالي 8 كم وأمام قرية أبو جلال، ومساحة هذا التل 158 فدان ويحيط به أرض خضراء حقول، هذه المنطقة هي المقاطعة رقم 17 من مقاطعات وجه بحري في ذلك الوقت "عهد الرمامسه" وكانت أيضا العاصمة وتسمى بالهيروغليفية "يا أبو - ان – امن"
تل بله: ويقع بالقرب من مدينة دكرنس وهو من أهم التلال الأثرية حيث له طابع خاص وهو مكان المدينة القديمة التي أطلق عليها دبلله
مسجد الموافي: من اشهر المساجد بمدينة المنصورة أسسه الملك الصالح (نجم الدين أيوب عام 583 هـ - 1998م)
مسجد الصالح ايوب وهو بالتاكيد أقدم مساجد المنصورة بناه الملك الصالح أيوب وكان به استراحة للزوار من المماليك
أعلام لمعوا في سماء المحافظة...

علي مبارك أبو التعليم في مصر. - العالم الكبير فاروق الباز وأحد أكبر علماء الفضاء في وكالةناسا الأمريكية
الدكتور أسامة الباز مستشار رئيس الجمهورية السياسي الدكتور
أحمد على غالب أستاذ القانون بجامعة برلين بدولة ألمانيا. - شيخ المهندسين المهندس أحمد عبده الشرباصي
الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة. - الدكتور رفعت السعيد - حمدي السيد نقيب الأطباء. -
الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي سابقاً ووزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية
الدكتور أحمد ماهر شعبان جراح السرطان العالمي بالمملكة المتحدة.
الدكتور مصطفي كامل العلامي سليم حسن عميد الأثريين المصريين.
الفريق سامي حافظ عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة.- عبد السلام المحجوب وزير التنمية الادارية
النحات والفنان نزيه احمد رشيد دنديط. ميت غمر - المطرب محمد الحلو - الفنانة صفاء أبو السعود
محمود الخطيب لاعب كرة القدم المصري الأشهر في الوطن العربي.
ميمي الشربيني المعلق الرياضي الأشهر في الوطن العربي. - محمد حسين هيكل أديب سياسى قرية حنين الخضراء المنصورة
أم كلثوم سيدة الغناء العربي. - رياض السنباطي الموسيقار الكبير. - الفنان عادل إمام زعيم الضحك
الدكتور ممدوح غنيم - عالم مصري اكتشف علاج للسرطان من الخميرة
لشيخ سيد النقشبندي منشد ديني وقارئ قرآن. - الشيخ محمد حسان
الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر السابق - الشيخ محمد متولي الشعراوي - الشيخ نصر الدين طوبار
الدكتور أحمد جمال الدين موسى وزيرالتعليم - أحمد لطفي السيد أستاد الجيل السنبلاوين
الشيخ رزق خليل حبه شيخ عموم المقارئ المصرية - الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف
الاعلاميه / همت مصطفى - الاعلامى / وائل الإبراشي - عمرو زكي ( المنصورة )
فاتن حمامة ( المنصورة ) يونس شلبي ( المنصورة ) كمال الشناوي( المنصورة ) خالد النبوي (المنصورة ) ليلى فهمي ( المنصورة ) - غادة عبد الرازق عادل إمام ( المنصورة ) - نجيب سرور( شاعر العقل )خطاب أجا
جابر قميحة شاعر وأديب المنزلة - أنيس منصوركاتب صحفى السنبلاوين - نعمان عاشور (ميت غمر) كاتب مسرحى
صلاح السقا مخرج مسرحى ( عرائس ) صلاح قابيل ( مركز أجا ) شريف منير( المنصورة )
سهير زكي ( المنصورة ) سعيد عبد الغني قرية نوسا الغيط أجا - سيد حجاب( المطرية ) رائد الفن الشعبى

أ/ مصطفى أنور فضالة

البيئة وعلاقتها بالإنسان


البيئة وعلاقتها بالإنسان
البيئة لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها فنقول:- البيئة الزرعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية.... ويعنى ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات...
وقد ترجمت كلمة Ecology إلى اللغة العربية بعبارة "علم البيئة" التي وضعها العالم الألماني ارنست هيجل Ernest Haeckel عام 1866م بعد دمج كلمتين يونانيتين هما Oikes ومعناها مسكن، و Logosومعناها علم وعرفها بأنها "العلم الذي يدرس علاقة الكائنات الحية بالوسط الذي تعيش فيه ويهتم هذا العلم بالكائنات الحية وتغذيتها، وطرق معيشتها وتواجدها في مجتمعات أو تجمعات سكنية أو شعوب، كما يتضمن أيضاَ دراسة العوامل غير الحية مثل خصائص المناخ (الحرارة، الرطوبة، الإشعاعات، غازات المياه والهواء) والخصائص الفيزيائية والكيميائية للأرض والماء والهواء.
ويتفق العلماء في الوقت الحاضر على أن مفهوم البيئة يشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات التي تقوم بها. فالبيئة بالنسبة للإنسان- "الإطار الذي يعيش فيه والذي يحتوي على التربة والماء والهواء وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة من مكونات جمادية، وكائنات تنبض بالحياة. وما يسود هذا الإطار من مظاهر شتى من طقس ومناخ ورياح وأمطار وجاذبية و مغناطيسية..الخ ومن علاقات متبادلة بين هذه العناصر.
فالحديث عن مفهوم البيئة إذن هو الحديث عن مكوناتها الطبيعية وعن الظروف والعوامل التي تعيش فيها الكائنات الحية.
وقد قسم بعض الباحثين البيئة إلى قسمين رئيسين هما:-
1. البيئة الطبيعية:- وهي عبارة عن المظاهر التي لا دخل للإنسان في وجودها أو استخدامها ومن مظاهرها: الصحراء، البحار، المناخ، التضاريس، والماء السطحي، والجوفي والحياة النباتية والحيوانية. والبيئة الطبيعية ذات تأثير مباشر أو غير مباشر في حياة أية جماعة حية Population من نبات أو حيوان أو إنسان.
2. البيئة المشيدة:- وتتكون من البنية الأساسية المادية التي شيدها الإنسان ومن النظم الاجتماعية والمؤسسات التي أقامها، ومن ثم يمكن النظر إلى البيئة المشيدة من خلال الطريقة التي نظمت بها المجتمعات حياتها، والتي غيرت البيئة الطبيعية لخدمة الحاجات البشرية، وتشمل البيئة المشيدة استعمالات الأراضي للزراعة والمناطق السكنية والتنقيب فيها عن الثروات الطبيعية وكذلك المناطق الصناعية وكذلك المناطق الصناعية والمراكز التجارية والمدارس والعاهد والطرق...الخ.
والبيئة بشقيها الطبيعي والمشيد هي كل متكامل يشمل إطارها الكرة الأرضية، أو لنقل كوكب الحياة، وما يؤثر فيها من مكونات الكون الأخرى ومحتويات هذا الإطار ليست جامدة بل أنها دائمة التفاعل مؤثرة ومتأثرة والإنسان نفسه واحد من مكونات البيئة يتفاعل مع مكوناتها بما في ذلك أقرانه من البشر، وقد ورد هذا الفهم الشامل على لسان السيد يوثانت الأمين العام للأمم المتحدة حيث قال "أننا شئنا أم أبينا نسافر سوية على ظهر كوكب مشترك.. وليس لنا بديل معقول سوى أن نعمل جميعاً لنجعل منه بيئة نستطيع نحن وأطفالنا أن نعيش فيها حياة كاملة آمنة". و هذا يتطلب من الإنسان وهو العاقل الوحيد بين صور الحياة أن يتعامل مع البيئة بالرفق والحنان، يستثمرها دون إتلاف أو تدمير... ولعل فهم الطبيعة مكونات البيئة والعلاقات المتبادلة فيما بينها يمكن الإنسان أن يوجد ويطور موقعاً أفضل لحياته وحياة أجياله من بعده.
عناصر البيئة :-
يمكن تقسيم البيئة، وفق توصيات مؤتمر ستوكهولم، إلى ثلاثة عناصر هي:-
1. البيئة الطبيعية:- وتتكون من أربعة نظم مترابطة وثيقاً هي: الغلاف الجوي، الغلاف المائي، اليابسة، المحيط الجوي، بما تشمله هذه الأنظمة من ماء وهواء وتربة ومعادن، ومصادر للطاقة بالإضافة إلى النباتات والحيوانات، وهذه جميعها تمثل الموارد التي اتاحها الله سبحانه وتعالى للإنسان كي يحصل منها على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى.
2. البيئة البيولوجية:- وتشمل الإنسان "الفرد" وأسرته ومجتمعه، وكذلك الكائنات الحية في المحيط الحيوي وتعد البيئة البيولوجية جزءاً من البيئة الطبيعية.
3. البيئة الاجتماعية:- ويقصد بالبيئة الاجتماعية ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية علاقة حياة الإنسان مع غيره، ذلك الإطار من العلاقات الذي هو الأساس في تنظيم أي جماعة من الجماعات سواء بين أفرادها بعضهم ببعض في بيئة ما، أو بين جماعات متباينة أو متشابهة معاً وحضارة في بيئات متباعدة، وتؤلف أنماط تلك العلاقات ما يعرف بالنظم الاجتماعية، واستحدث الإنسان خلال رحلة حياته الطويلة بيئة حضارية لكي تساعده في حياته فعمّر الأرض واخترق الأجواء لغزو الفضاء.
وعناصر البيئة الحضارية للإنسان تتحدد في جانبين رئيسيين هما أولاً:- الجانب المادي:- كل ما استطاع الإنسان أن يصنعه كالمسكن والملبس ووسائل النقل والأدوات والأجهزة التي يستخدمها في حياته اليومية، ثانياً الجانب الغير مادي:- فيشمل عقائد الإنسان و عاداته وتقاليده وأفكاره وثقافته وكل ما تنطوي عليه نفس الإنسان من قيم وآداب وعلوم تلقائية كانت أم مكتسبة.
وإذا كانت البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر، فإن أول ما يجب على الإنسان تحقيقه حفاظاً على هذه الحياة أ، يفهم البيئة فهماً صحيحاً بكل عناصرها ومقوماتها وتفاعلاتها المتبادلة، ثم أن يقوم بعمل جماعي جاد لحمايتها وتحسينها و أن يسعى للحصول على رزقه وأن يمارس علاقاته دون إتلاف أو إفساد.
البيئة والنظام البيئي
يطلق العلماء لفظ البيئة على مجموع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات الحيوية التي تقوم بها، ويقصد بالنظام البيئي أية مساحة من الطبيعة وما تحويه من كائنات حية ومواد حية في تفاعلها مع بعضها البعض ومع الظروف البيئية وما تولده من تبادل بين الأجزاء الحية وغير الحية، ومن أمثلة النظم البيئية الغابة والنهر والبحيرة والبحر، وواضح من هذا التعريف أنه يأخذ في الاعتبار كل الكائنات الحية التي يتكون منها المجتمع البيئي ( البدائيات، والطلائعيات والتوالي النباتية والحيوانية) وكذلك كل عناصر البيئة غير الحية (تركيب التربة، الرياح، طول النهار، الرطوبة، التلوث...الخ) ويأخذ الإنسان – كأحد كائنات النظام البيئي – مكانة خاصة نظراً لتطوره الفكري والنفسي، فهو المسيطر- إلى حد ملموس – على النظام البيئي وعلى حسن تصرفه تتوقف المحافظة على النظام البيئي وعدم استنزافه.
خصائص النظام البيئي:- ويتكون كل نظام بيئي مما يأتي:-
1. كائنات غير حية:- وهي المواد الأساسية غير العضوية والعضوية في البيئة.
2. كائنات حية:- وتنقسم إلى قسمين رئيسين:-
أ‌. كائنات حية ذاتية التغذية: وهي الكائنات الحية التي تستطيع بناء غذائها بنفسها من مواد غير عضوية بسيطة بوساطة عمليات البناء الضوئي، (النباتات الخضر)، وتعتبر هذه الكائنات المصدر الأساسي والرئيسي لجميع أنواع الكائنات الحية الأخرى بمختلف أنواعها كما تقوم هذه الكائنات باستهلاك كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون خلال عملية التركيب الضوئي وتقوم بإخراج الأكسجين في الهواء.
ب‌. كائنات حية غير ذاتية التغذية:- وهي الكائنات الحية التي لا تستطيع تكوين غذائها بنفسها وتضم الكائنات المستهلكة والكائنات المحللة، فآكلات الحشائش مثل الحشرات التي تتغذى على الأعشاب كائنات مستهلكة تعتمد على ما صنعه النبات وتحوله في أجسامها إلى مواد مختلفة تبني بها أنسجتها وأجسامها، وتسمى مثل هذه الكائنات المستهلك الأول لأنها تعتم مباشرة على النبات، والحيوانات التي تتغذى على هذه الحشرات كائنات مستهلكة أيضاً ولكنها تسمى "المستهلك الثاني" لأنها تعتمد على المواد الغذائية المكونة لأجسام الحشرات والتي نشأت بدورها من أصل نباتي، أما الكائنات المحللة فهي تعتمد في التغذية غير الذاتية على تفكك بقايا الكائنات النباتية والحيوانية وتحولها إلى مركبات بسيطة تستفيد منها النباتات ومن أمثلتها البكتيريا الفطريات وبعض الكائنات المترممة.
الإنسان ودوره في البيئة
يعتبر الإنسان أهم عامر حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء.
وهكذا قطع الإنسان أشجار الغابات وحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، وأفرط في استهلاك المراعي بالرعي المكثف، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيمائية والمبيدات بمختلف أنواعها، وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ينعكس أثرها في نهاية المطاف على حياة الإنسان كما يتضح مما يلي:-
- الغابات : الغابة نظام بيئي شديد الصلة بالإنسان، وتشمل الغابات ما يقرب 28% من القارات ولذلك فإن تدهورها أو إزالتها يحدث انعكاسات خطيرة في النظام البيئي وخصوصاً في التوازن المطلوب بين نسبتي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الهواء.
- المراعي: يؤدي الاستخدام السيئ للمراعي إلى تدهور النبات الطبيعي، الذي يرافقه تدهور في التربة والمناخ، فإذا تتابع التدهور تعرت التربة وأصبحت عرضة للانجراف.
- النظم الزراعية والزراعة غير المتوازنة: قام الإنسان بتحويل الغابات الطبيعية إلى أراض زراعية فاستعاض عن النظم البيئية الطبيعية بأجهزة اصطناعية، واستعاض عن السلاسل الغذائية وعن العلاقات المتبادلة بين الكائنات والمواد المميزة للنظم البيئية بنمط آخر من العلاقات بين المحصول المزروع والبيئة المحيطة به، فاستخدم الأسمدة والمبيدات الحشرية للوصول إلى هذا الهدف، وأكبر خطأ ارتكبه الإنسان في تفهمه لاستثمار الأرض زراعياً هو اعتقاده بأنه يستطيع استبدال العلاقات الطبيعية المعقدة الموجودة بين العوامل البيئية النباتات بعوامل اصطناعية مبسطة، فعارض بذلك القوانين المنظمة للطبيعة، وهذا ما جعل النظم الزراعية مرهقة وسريعة العطب.
- النباتات والحيوانات البرية: أدى تدهور الغطاء النباتي والصيد غير المنتظم إلى تعرض عدد كبير من النباتات والحيوانات البرية إلى الانقراض، فأخل بالتوازن البيئية.
أثر التصنيع والتكنولوجيا الحديثة على البيئة
إن للتصنيع والتكنولوجيا الحديثة آثاراً سيئة في البيئة، فانطلاق الأبخرة والغازات وإلقاء النفايات أدى إلى اضطراب السلاسل الغذائية، وانعكس ذلك على الإنسان الذي أفسدت الصناعة بيئته وجعلتها في بعض الأحيان غير ملائمة لحياته كما يتضح مما يلي:-
- تلويث المحيط المائي: إن للنظم البيئية المائية علاقات مباشرة وغير مباشرة بحياة الإنسان، فمياهها التي تتبخر تسقط في شكل أمطار ضرورية للحياة على اليابسة، ومدخراتها من المادة الحية النباتية والحيوانية تعتبر مدخرات غذائية للإنسانية جمعاء في المستقبل، كما أن ثرواتها المعدنية ذات أهمية بالغة.
- تلوث الجو: تتعدد مصادر تلوث الجو، ويمكن القول أنها تشمل المصانع ووسائل النقل والانفجارات الذرية والفضلات المشعة، كما تتعدد هذه المصادر وتزداد أعدادها يوماً بعد يوم، ومن أمثلتها الكلور، أول ثاني أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، أكسيد النيتروجين، أملاح الحديد والزنك والرصاص وبعض المركبات العضوية والعناصر المشعة. وإذا زادت نسبة هذه الملوثات عن حد معين في الجو أصبح لها تأثيرات واضحة على الإنسان وعلى كائنات البيئة.
- تلوث التربة: تتلوث التربة نتيجة استعمال المبيدات المتنوعة والأسمدة وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة، وبالتالي على خصوبتها وعلى النبات والحيوان، مما ينعكس أثره على الإنسان في نهاية المطاف.
الإنسان في مواجهة التحديات البيئية
الإنسان أحد الكائنات الحية التي تعيش على الأرض، وهو يحتاج إلى أكسجين لتنفسه للقيام بعملياته الحيوية، وكما يحتاج إلى مورد مستمر من الطاقة التي يستخلصها من غذائه العضوي الذي لا يستطيع الحصول عليه إلا من كائنات حية أخرى نباتية وحيوانية، ويحتاج أيضاً إلى الماء الصالح للشرب لجزء هام يمكنه من الاتسمرار في الحياة.
وتعتمد استمرارية حياته بصورة واضحة على إيجاد حلول عاجلة للعديد من المشكلات البيئية الرئيسية التي من أبرزها مشكلات ثلاث يمكن تلخيصها فيما يلي:-
أ‌. كيفية الوصول إلى مصادر كافية للغذاء لتوفير الطاقة لأعداده المتزايدة.
ب‌. كيفية التخلص من حجم فضلاته المتزايدة وتحسين الوسائل التي يجب التوصل إليها للتخلص من نفاياته المتعددة، وخاصة النفايات غير القابلة للتحلل.
ت‌. كيفية التوصل إلى المعدل المناسب للنمو السكاني، حتى يكون هناك توازن بين عدد السكان والوسط البيئي.
ومن الثابت أن مصير الإنسان، مرتبط بالتوازنات البيولوجية وبالسلاسل الغذائية التي تحتويها النظم البيئية، وأن أي إخلال بهذه التوازانات والسلاسل ينعكس مباشرة على حياة الإنسان ولهذا فإن نفع الإنسان يكمن في المحافظة على سلامة النظم البيئية التي يؤمن له حياة أفضل، ونذكر فيما يلي وسائل تحقيق ذلك:-
1. الإدارة الجيدة للغابات: لكي تبقى الغابات على إنتاجيتها ومميزاتها.
2. الإدارة الجيدة للمراعي: من الضروري المحافظة على المراعي الطبيعية ومنع تدهورها وبذلك يوضع نظام صالح لاستعمالاتها.
3. الإدارة الجيدة للأراضي الزراعية: تستهدف الإدارة الحكيمة للأراضي الزراعية الحصول على أفضل عائد كما ونوعاً مع المحافظة على خصوبة التربة وعلى التوازنات البيولوجية الضرورية لسلامة النظم الزراعية، يمكن تحقيق ذل:
أ‌. تعدد المحاصيل في دورة زراعية متوازنة. ب‌. تخصيب الأراضي الزراعية.
ت‌. تحسين التربة بإضافة المادة العضوية. ث‌. مكافحة انجراف التربة.
4. مكافحة تلوث البيئة: نظراً لأهمية تلوث البيئة بالنسبة لكل إنسان فإن من الواجب تشجيع البحوث العلمية بمكافحة التلوث بشتى أشكاله.
5. التعاون البناء بين القائمين على المشروعات وعلماء البيئة: إن أي مشروع نقوم به يجب أن يأخذ بعين الاعتبار احترام الطبيعة، ولهذا يجب أن يدرس كل مشروع يستهدف استثمار البيئة بواسطة المختصين وفريق من الباحثين في الفروع الأساسية التي تهتم بدراسة البيئة الطبيعية، حتى يقرروا معاً التغييرات المتوقع حدوثها عندما يتم المشروع، فيعملوا معاً على التخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة، ويجب أن تظل الصلة بين المختصين والباحثين قائمة لمعالجة ما قد يظهر من مشكلات جديدة.
6. تنمية الوعي البيئي: تحتاج البشرية إلى أخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة، ولا يمكن أن نصل إلى هذه الأخلاق إلا بعد توعية حيوية توضح للإنسان مدى ارتباطه بالبيئة و تعلمه أ، حقوقه في البيئة يقابلها دائماً واجبات نحو البيئة، فليست هناك حقوق دون واجبات.
وأخيراً مما تقدم يتبين أن هناك علاقة اعتمادية داخلية بين الإنسان وبيئته فهو يتأثر ويؤثر عليها وعليه يبدو جلياً أن مصلحة الإنسان الفرد أو المجموعة تكمن في تواجده ضمن بيئة سليمة لكي يستمر في حياة صحية سليمة.

أهمية وقت الفراغ


اعداد أ / مصطفى أنور فضالة
لقد تنبه العالم مؤخرا لأهمية استغلال وقت الفراغ خاصة وأنه اصبح مشكلة تهدد المجتمعات فبدأت مطالبات للاهتمام من هنا وهناك تتابعت الكتابات ثم اخذ الاهتمام به يأخذ بعدا دوليا بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 م . المادة ( 24 ) منه على ما يلي - كل شخص حق في الراحة وأوقات الفراغ تلا ذلك صدور ميثاق الفراغ الدولي في الأول من يونيو 1970 م الذي ينص على مادة ( 1) لكل إنسان الحق في أن يكون له وقت حرمادة ( 2 ) أن حق الفرد في الاستمتاع بوقت الفراغ مادة ( 3 ) لكل فرد الحق في استخدام منشآت أوقات الفراغ . مادة ( 4 ) من حق كل فرد أن نهئ له سبل ممارسة الأنشطة الترويحية مادة ( 5 ) يجب أن تكون مهمة الهيآت المسؤلة من مخططين ومهندسين وهيآت خاصة بالعمل على توفير الإمكانات لممارسة الأنشطة مادة ( 6 ) لكل فرد الحق في تعلم واكتساب المهارات الترويحية حتى يتمكن من استثمار وقت فراغه مادة ( 7 ) لابد أن بكون هناك تنسيق بين جميع الهيآت العاملة في جميع أوقات الفراغ
أهمية وقت الفراغ فى حياة الانسان
أهمية وقت الفراغ في حياة الإنسان منذ فجر التاريخ كان الإنسان يمضي وقته مشغولا في الحصول على قوته ثم يمضي ما تبقى بعد ذلك في حماية نفسه ضد أخطار الطبيعة والحيوانات المفترسة وتطورات الحياة وتطورات الآلات التي كان يستعملها من صيد وزراعة ومعيشة فكلما زادت آلاته وأجهزته كلما اختصر الوقت الذي يبذله في سبيل المعيشة ومع ظهور الثورة الصناعية والتطور التكنولوجي الهائل بالمصنع ووسائل المواصلات والأجهزة والأدوات المنزلية مثل الغسالات والثلاجات والكمبيوتر وغيرها مما سهل على الإنسان العمل وقلل الجهد ووفر الوقت في العمل أكثر من الوقت الفائض . وتدل الدراسات النفسية لعلماء النفس التطبيقي في ميدان الصناعة على أهمية وقت الفراغ كضرورة لتنظيمه وحسن استثماره لتجديد قواه واستعاده النشاط وإتقان العمل وحسن أداءه وبالتالي زيادة إنتاجه وتأتي أهمية وقت الفراغ لأن 1 – الوقت أغلى ما يملك الإنسان أن الوقت أغلى النعم التي منحها الله تعالى للإنسان ورغم ذلك نهمل كثرا في استخدامه بفاعلية وكفاءة . 2 - الوقت مورد محدود أن الوقت مورد محدود ولا يمكن تعو يضه بأي حال فيقول :- الحسن البصري رضي الله عنه يا بن آدم أنت أيام معدودة كلما ذهب يوم ذهب بعضك ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل . 3 – الوقت لا يمكن تعويضه فكل يوم يمضي وكل ساعة تنقضي وكل لحظة تمر لا يمكن استعادتها . 4 – الوقت يمضي سريعا كلنا يدرك أن الوقت يمضي سريعا ولكننا لا نشعر به إنه يمر دون أن نشعر ترى كم نقضي من عمرنا في أنشطتنا اليومية . 5 – استغلال الوقت يزيد من قيمته أن المهام العظام يمكن إنجازها حين يستغل المرء وقته بكفاءة أن مقياس تقدم الأمم وازدهارها هو حسن استغلالها لوقت أفرادها وإدارتهم له الاهتمام الدولي بوقت الفراغ
تأثير وقت الفراغ على المجتمع
العلاقة بين البطالة ووقت الفراغ في المجتمعات
لقد أدت الثورة العلمية والتكنولوجية إلى اعتماد المجتمعات والأفراد من الآلة بكل أشكالها من حاسب آلي وأجهزة الكمبيوتر والتي حلت محل اليد البشرية في العمل .مما ترتب على ذلك انخفاض ساعات العمل وانتشار البطالة ومن ثم فإن مشكلتي البطالة ووقت الفراغ قد فرضتا نفسها على مسرح الحياة الإجماعية ولقت اهتماما بالغا من قبل المجتمعات الصناعية وأصبح ينظر إليها على أنه ضرورة وحاجة قومية
وقت الفراغ
الآثار الإيجابية لاستغلال وقت الفراغ
تأتي أهمية وقت الفراغ وأهمية استغلاله والاستفادة منه من حيث إمكانية تحقيق العديد من الحاجيات الأساسية لفرد من خلال الأنشطة التي يمارسها في وقت الفراغ إذ يتمكن الفرد من إشباع
حاجاته الجسمية : بإزالة التوترات العضلية وتنشيط الدورة الدموية
– حاجاته الاجتماعية : وذلك بالعمل الجماعي والعمل بروح الجماعة في العديد من الأنشطة التي تمارس في وقت الفراغ مما يقضي على الانطواء في حياة الفرد
حاجاته العلمية والعقلية : يكسب المزيد من الخبرة والمعرفة والمهارة وتعلم معلومات جديدة
حاجاته الانفعالية : أو ما يسمى بالدوافع اللاشعورية أو الدوافع المكبوتة التي قد تدفع الفرد إلى بعض السلوك المنحرف إذا كبتها ويستطيع الفرد أن يحقق إشباعه لتلك الحاجات عن طريق ممارسة أنشطة في وقت فراغه سواء مارس تلك الأنشطة بطريقة ابتكاريه إيجابية أو بطريقة عاطفية سلبية. ورغم الفرق الشاسع بين مشاركة الأفراد بطريقة ايجابية أو طريقة سلبية فأن المجتمع أحيانا قد يحتاج لتلك المشاركات السلبية في سبيل تخليص المجتمع وأفراده مما هو غير مفيد وغير مناسب للمجتمع ذاته ونستطيع أن نعتبرها مرحلة انتقالية للوصول إلى جعل أفراد المجتمع يمارسون أنشطتهم في وقت الفراغ بطريقة ايجابية ابتكاريه مقاله وتنقل المجتمع وأفراده من موضع المشاركة السلبية إلى موضع المشاركة بطريقة إيجابية
خمسون طريقة فعالة لإدارة الوقت
الطرق الكفيلة بأن تحفظ الوقت وتزيده بركة وإنتاجيه
الإدارة الجيدة للوقت لا تعني العمل المتواصل المرهق فلقد ولى زمن التعب والإرهاق في العمل
لابد من توزيع الوقت بين العمل والمنزل والصحة والنفس والعائلة "فأعط كل ذي حق حقه"
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك
يجب أن يكون لديك قائمة للمهام المكتوبة يوميا على الأقل ويحبذ أسبوعيا وشهريا وسنويا
تذكر أن 70% من الوقت يهدر فيما لا فائدة فيه وأن 15% من الوقت يهدر في المجاملات
انتبه لما يطلبه منك مديرك، لابد من تفويض مهامك لغيرك ابدأ بالمهم والمستعجل من أعمالك
ساعد موظفيك مباشرة ولا تقل لهم أعطوني مهامكم لإنجازها نيابة عنكم،
حاول أن تبدأ بالأعمال الهامة وغير المستعجلة أولا بأول،
إذا أخرت أعمالك لآخر لحظة فسوف تعيش سياسة إطفاء الحرائق أو ما يسمى بإدارة الأزمات من أزمة إلى أخرى
إذا بقيت دون خطة اجتثك الآخرون وبقيت تخدم أهدافهم وأولوياتهم وتعيش في فلكهم
وزع وقتك بالنسب المناسبة لكل أهدافك في الحياة ابتداء من الدار الآخرة ومرورا بالعائلة والوظيفة وانتهاء بالتسلية والاسترخاء
أهدافك يجب أن تكون مقاسة ومحددة ويمكن تحقيقها ومناسبة ولها وقت محدد لتنفيذها
إذا لم تخطط لوقتك ستندم يوما ما
يجب أن تكتب أهم عشرة أهداف لك في الحياة وتضعها قبل أن تأوي على فراشك اليوم
قائمة الأعمال اليومية يجب ألا تقل عن 7 مهام عملية لتنفيذها غير فطرية إذاً لا تكتب الأكل وخلافه
جدول إجازاتك الفصلية والسنوية وتحدث عنها كثيرا فالجسم يتوق للراحة والاستجمام ويبدع إذا ما عرف أن هناك إجازة في انتظاره
تحسس مواهبك واستثمرها بشكل أفضل ونقاط ضعفك وقوها وعالجها
عش في المربع الثاني في مصفوفة الزمن أي ابدأ بالأهم فالأهم قبل أن يصبح مستعجلا
تعرف على ساعات الأصيل في يومك وعلى ساعات الاسترخاء كذلك، ساعات الأصيل هي الساعات التي تبدع فيها وتكون ذا حيوية ونشاط وساعات الاسترخاء هي تلك التي تقل حركتك ونشاطك فيها، وعادة ما تكون ساعات الأصيل في الصباح الباكر باستثناء بعض الفنانين والأدباء والشعراء الذين تكون ساعات الأصيل لديهم بعد الظهر أو في المساء
افعل أهم وأفضل شيء من أعمالك اليومية في ساعات الأصيل في يومك ولا تضيعها في النت أو قراءة الجريدة،
جمع مواعيدك لا تدعها مبعثرة بحيث لا تضيع وقتك في التنقل بينها، اجعل موعد طبيب الأسنان بعد موعد الحلاق حتى لا تتكبد مشوارين،
حاول أن تحسب كيف تقضي وقتك ولو يوما واحدا في السنة بحيث تسجل الوقت المستغرق في كل عمل تعمله لمدة يوم وستنتهي بنتائج مذهلة قد تغير مجرى حياتك للأفضل
ركز على الهام في حياتك ولا تنشغل ببنيات الطريق
استفد من الوقت الضائع كوقت انتظار الطائرة أو طبيب الأسنان ولا تتعامل مع الطبيب الذي لا يعطيك موعدا مسبقا محددا
استخدم جداول التخطيط اليومي والأسبوعي والشهري الدفترية منها أو الرقمية وفي الجوال والحاسب الكفي كم هائل منها
يقولون في الغرب ونحن نقول الوقت أغلى من الذهب Time is Money
حل المشاكل المحتملة أولا بأول ولا تكون فضوليا فيما لا فائدة منه
الحياة قصيرة لا تنغصها بكثرة الأعداء والمشاكل والمنغصات
صفح تتبعه راحة بال أفضل لك من عداوة تنتصر فيها على خصمك ولكن على حساب صحتك ووقتك
قلل بالتجربة ساعات نومك وبالتدريج ، اجعل الاجتماعات أقصر ما يمكن،
لا تزعج نفسك بكثرة الورق والملفات والملزمات من حولك رتب ما تحتاج وألق بالباقي في سلة المهملات،
فرق بين التميز في العمل والمثابرة لحد الوسواس ، فوض فوض فوض
تعلم كيف تعمل شيئين معا كالرد على الهاتف وقراءة بريدك الإلكترون ، تعلم أن تقول لا لمن يضيع وقتك
رتب مكتبك حتى يمكن أن تصل للأشياء دون أن تقوم من مقامك
احتفظ في مكتبك بمخزون جيد من المستهلكات التي لا تتلف مثل الورق والحبر فما أسوأ أن تخرج ليلا تبحث عن سوبر ماركت لتشتري ورق تطبع عليه تقريرا مستعجلا
كون لك شبكة من العلاقات والمعارف والأصدقاء تسهل أمورك بطرق مشروعة وصحيحة خاصة في مجتمعنا، حيث تعود بعض الموظفين أن يعطيك المعلومة بالقطارة
ليكن مكتبك في العمل معاكسا لحركة المرور في الشركة ولا تواجه الباب لأنك لست شرطي مرور وسيأتيك الكثيرون يسألون أين هذا الموظف أو ذلك المكتب وحتى دورة المياه،
دع من يزورك ويضيع وقتك أن يرى الساعة بوضعها خلفك لا أنت تراها خلفه وتتلظى لضياع وقتك معه،
لا توفر مقاعد فخمة في مكتبك تغري الزائر بالبقاء أطول مدة ممكنة عليها، تذكر أن مطاعم الوجبات السريعة توفر مقاعد صلبة بعض الشيء يملها الزبون بعد 15 دقيقة وهي وقت تناول الوجبة
زر من يضيع وقتك ولا تدعه يزورك لأنك تكون صاحب مبادرة المغادرة بينما لا تستطيع أن تطلبه بمغادرة مكتبك --- لا تتحدث في الهاتف أكثر من 5 دقائق متصلة -- كن حازما مع من يضيع وقتك
استخدم الإشارات ليعرف الجميع أنك مشغول ولا وقت لك لتضييعه كأن تعمل بدون غترة أو تقفل باب مكتبك، 70% من الناس يحترمون إشارات من هذا النوع ، اسكن قريبا من عملك توفيرا للوقت
أهمية الوقت
إن الوقت هو عمر الإنسان وحياته كلها
العمر محدد ولا يمكن زيادته بحال من الأحوال ”مورد شديد الندرة“
مورد غير قابل للتخزين ” اللحظة التي لا استغلها تفني“
مورد غير قابل للبدل أو التعويض --- يحاسب عليه المرء مرتان ” عمره ثم شبابه
حقائق عن الوقت
يقضي الموظف في المتوسط ساعتان في القراءة
يقضي الموظف في المتوسط 40 دقيقة للوصول من و إلى مكان العمل
يقضي الموظف في المتوسط 45 دقيقة في البحث عن أوراق أو متعلقات خاصة بالعمل
يقضي الموظف الذي يعمل في مكتب يتسم بالفوضى 90 دقيقة في البحث عن أغراض مفقودة
يتعرض الموظف العادي كل 10 دقائق لمقاطعة (محادثة عادية أو تليفونية)
يقضي الموظف العادي 40 دقيقة في تحديد بأي المهام يبدأ
يقضي الشخص العادي في المتوسط 28 ساعة أسبوعيا أمام التليفزيون
الوصول المتأخر لمكان العمل 15 دقيقة يؤدي إلى ارتباك اليوم وضياع مالا يقل عن 90 دقيقة (أخري
ويمكن إضافة هذه المعلومات لتساعدنا في فهم عملية إدارة الوقت
ساعة واحدة من التخطيط توفر 10 ساعات من التنفيذ
الشخص المتوتر يحتاج ضعف الوقت لإنجاز نفس المهمة التي يقوم بها الشخص العادي
اكتساب عادة جديدة يستغرق في المتوسط 15 يوما من المواظبة
أي مشروع يميل إلى استغراق الوقت المخصص له، فإذا خصصنا لمجموعة من الأفراد ساعتين لإنجاز مهمة معينة، وخصصنا لمجموعة أخري من الأفراد 4 ساعات لإنجاز نفس المهمة، نجد أن كلا المجموعتان تنتهي في حدود الوقت المحدد لها
إدارة الوقت لا تعني أداء الأعمال بشكل أكثر سرعة، بقدر ما تعني أداء الأعمال الصحيحة التي تخدم أهدافنا وبشكل فعال
فوائد الإدارة الجيدة للوقت
التخفيف من الضغوط سواء في العمل و ضغوط الحياة إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية
تحسين نوعية العمل تحسين نوعية الحياة غير العملية
قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي
تحقيق نتائج أفضل في العمل زيادة سرعة إنجاز العمل
تقليل عدد الأخطاء الممكن ارتكابها تعزيز الراحة في العمل
تحسين إنتاجيتك بشكل عام زيادة الدخل
لماذا يضيع الناس أوقاتهم؟ لا يدركون أهمية الوقت
ليس لهم أهداف أو خطط واضحة يستمتعون بالعمل تحت ضغط
سلوكيات ومعتقدات تؤدي إلي ضياع الوقت عدم المعرفة بأدوات و أساليب تنظيم الوقت
سلوكيات و معتقدات تؤدي إلي ضياع الوقت
لا يوجد لدي وقت للتنظيم
يحكى أن حطاباً كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لم يكن حاداً إذ أنه لم يشحذه من قبل، مر عليه شخص ما فرآه على تلك الحالة، وقال له: لماذا لا تشحذ فأسك؟ قال الحطاب وهو منهمك في عمله: ألا ترى أنني مشغول في عملي؟!
من يقول بأنه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم وقته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة! إن شحذ الفأس سيساعده على قطع الشجرة بسرعة وسيساعده أيضاً على بذل مجهود أقل في قطع الشجرة وكذلك سيتيح له الانتقال لشجرة أخرى، وكذلك تنظيم الوقت، يساعدك على إتمام أعمالك بشكل أسرع وبمجهود أقل وسيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك لأنك مشغول بعملك
وهذه معادلة بسيطة، إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها، ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما وكذلك الوقت، علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم
المشاريع الكبيرة فقط تحتاج للتنظيم
في إحصائيات كثيرة نجد أن أمور صغيرة تهدر الساعات سنوية، فلو قلنا مثلاً أنك تقضي 10 دقائق في طريقك من البيت وإلى العمل وكذلك من العمل إلى البيت، أي أنك تقضي 20 دقيقة يومياً تتنقل بين البيت ومقر العمل، ولنفرض أن عدد أيام العمل في الأسبوع 5 أيام أسبوعياً.
(الوقت المهدر) 5 أيام × 20 دقيقة = 100 دقيقة أسبوعياً / 100 دقيقة أسبوعياً × 53 أسبوعاً = 5300 دقيقة = 88 ساعة تقريباً.
لو قمت باستغلال هذه العشر دقائق يومياً في شيء مفيد لاستفدت من 88 ساعة تظن أنت أنها وقت ضائع أو مهدر، كيف تستغل هذه الدقائق العشر؟ بإمكانك الاستماع لأشرطة تعليمية، أو حتى تنظم وقتك ذهنياً حسب أولوياتك المخطط لها من قبل، أو تجعل هذا الوقت مورداً للأفكار الإبداعية المتجددة
الآخرين لا يسمحون لي بتنظيم الوقت
من السهل إلقاء اللائمة على الآخرين أو على الظروف، لكنك المسؤول الوحيد عن وقتك، أنت الذي تسمح للآخرين بأن يجعلوك أداة لإنهاء أعمالهم
أعتذر للآخرين بلباقة وحزم، وابدأ في تنظيم وقتك حسب أولوياتك وستجد النتيجة الباهرة
وإن لم تخطط لنفسك وترسم الأهداف لنفسك وتنظم وقتك فسيفعل الآخرون لك هذا من أجل إنهاء أعمالهم بك!! أي تصبح أداة بأيديهم
كتابة الأهداف والتخطيط مضيعة للوقت
افرض أنك ذاهب لرحلة ما تستغرق أياماً، ماذا ستفعل؟ الشيء الطبيعي أن تخطط لرحلتك وتجهز أدواتك وملابسك وربما بعض الكتب وأدوات الترفيه قبل موعد الرحلة بوقت كافي، والحياة رحلة لكنها رحلة طويلة تحتاج منا إلى تخطيط وإعداد مستمرين لمواجهة العقبات وتحقيق الإنجازات
ولتعلم أن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك ما بين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ، فما رأيك؟ تصور أنك تخطط كل يوم لمدة ساعة والتوفير المحصل من هذه الساعة يساوي ساعتين، أي أنك تحل على 730 ساعة تستطيع استغلالها في أمور أخرى كالترفيه أو الاهتمام بالعائلة أو التطوير الذاتي.
لا أحتاج لكتابة أهدافي أو التخطيط على الورق، فأنا أعرف ماذا علي أن أعمل
لا توجد ذاكرة كاملة أبداً وبهذه القناعة ستنسى بكل تأكيد بعض التفاصيل الضرورية والأعمال المهمة والمواعيد كذلك، عليك أن تدون أفكارك وأهدافك وتنظم وقتك على الورق أو على حاسب المهم أن تكتب، وبهذا ستكسب عدة أمور
أولاً: لن يكون هناك عذر اسمه نسيت! لا مجال للنسيان إذا كان كل شيء مدون إلا إذا نسيت المفكرة نفسها أو الحاسب
ثانياً: ستسهل على نفسك أداء المهمات وبتركيز أكبر لأن عقلك ترك جميع ما عليه أن يتذكره في ورقة أو في الحاسب والآن هو على استعداد لأني يركز على أداء مهمة واحدة وبكل فعالية
حياتي سلسلة من الأزمات المتتالية، كيف أنظم وقتي؟ !
تنظيم الوقت يساعدك على التخفيف من هذه الأزمات وفوق ذلك يساعدك على الاستعداد لها وتوقعها فتخف بذلك الأزمات وتنحصر في زاوية ضيقة، نحن لا نقول بأن تنظيم الوقت سينهي جميع الأزمات، بل سيساعد على تقليصها بشكل كبير

سلوكيات و معتقدات تؤدي إلي توفير الوقت

تحديد الهدف التخطيط
احتفظ دائما بقائمة المهام التحضير للغد . To-do List
استخدام أدوات تنظيم الوقت انشر ثقافة إدارة الوقت
رتب أغراضك ( عدم الاحتفاظ بمهام معقدة ( تقسيم المهام إلي مهام فرعية
لا تحتفظ بالمهام الثقيلة علي نفسك (انته منها فورا ) لا تكن مثاليا الاتصال الفعال ( التأكد من وصول الرسالة كما تعنيها ) لا تتأخر في الوصول لمكان العمل
التحضير للمهام المتكررة تجميع المهام المتشابهة . Check List
ارتدِ ساعة (راقب الوقت في أي مهمة تقوم بها ) المساومة في تحديد المواعيد
تأريخ المهام (حدد لنفسك تاريخا أو زمنا للانتهاء من أي مهمة ).
لا تحتفظ بمهام ناقصة ( انته من كل مهمة بدأتها ) لا تهمل كلمة ” شكرا“
لا تقدم خدمات لا تجيدها تعلم القراءة السريعة
استغلال وقت السيارة – الانتقال – السفر لا تحتفظ بمقاعد مريحة في مكتبك
علق لافتة مشغول إنهاء المهام المحتاجة للتركيز استخدم التليفون بفاعلية
تنمية مهارات التفويض اعرف نفسك ودورات أدائك اليومي ذهنيا و بدنيا

السبت، 12 فبراير 2011

غزوة مؤتة


غزوة مؤتة

اتّسمت العلاقات بين المسلمين والروم بالتوتّر ، فقد دأبت الروم ومن والاها من العرب على مضايقة المسلمين واستفزازهم بكل الطرق ، وكان من أظهرها المحاولات المتكرّرة للتعرّض لتجارة المسلمين القادمة من الشام ، والقيام بالسلب والنهب للقوافل التي تمرّ بطريقهم ، ناهيك عمّا مارسوه من ضغوطاتٍ ومضايقاتٍ طالت كل مسلم وقع تحت أيديهم
وبلغ الأذى ذروته حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي رسولاً إلى ملك بصرى من أرض الشام يدعوه إلى الإسلام ، فما كان من ملك بصرى شرحبيل بن عمرو الغساني إلا أن قتل رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاشتدّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ كان هذا هو أول رسولٍ له يُقتل على خلاف ما جرت العادة من إكرام الرسل وعدم التعرّض لهم .
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس للخروج ومقاتلة الروم حتى يضع حداً لهذه التصرّفات الهمجية ولأجل تأديبهم ، وسرعان ما اجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة آلاف مقاتل ، فعقد الراية لثلاثة منهم وجعل إمرتهم بالتناوب ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن أصيب زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ) رواه البخاري ومسلم ، فتجهّز الناس وخرجوا ، وكان ذلك يوم الجمعة من السنة الثامنة للهجرة النبوية ، فلما ودّع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسلّموا عليهم ، بكى عبد الله بن رواحة فقالوا : ما يبكيك يا ابن رواحة فقال : " أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار : { وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا } ( مريم : 71 ) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؟ ".
فقال المسلمون : " صحبكم الله ، ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، فأجابهم عبد الله بن رواحة :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبــدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم صحابته قائلاً : ( اغزوا باسم الله وفي سبيل الله ، وقاتلوا من كفر بالله . اغزوا ولا تغدروا ، ولا تغلوا ولا تمثّلوا ، ولا تقتلوا وليدا ولا أصحاب الصوامع ) رواه أحمد وغيره من أصحاب السنن .
وسار المسلمون حتى نزلوا معانا - اسم قرية - من أرض الشام ، فبلغهم أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم ، وانضم إليه مائة ألف أخرى من القبائل العربية الموالية له كلخم ، وجذام ، وبلقين ، وبهراء ، فاجتمع لهرقل مائتي ألف مقاتل ، فعقد المسلمون مجلسا للتشاور ، فقال بعضهم : نكتب للنبي صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا ، فإما أن يمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له ، وقال آخرون : قد وطئتَ البلاد وأخفتَ أهلها ، فانصرف ؛ فإنه لا يعدلُ العافية شيء . و عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ساكت ، فسأله زيد عن رأيه فقال : يا قوم والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة ، ما نقاتل الناس بعدد ، ولا عدة ، ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين ، إما ظهور ، وإما شهادة ، فقال الناس : صدق والله ابن رواحة ، فمضوا حتى إذا قاربوا البلقاء - منطقة بالشام - ، لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية يقال لها مشارف ، فدنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها : مؤتة وتسمى اليوم بالكرك ، فالتقى الناس عندها ، فتجهز المسلمون وجعلوا على ميمنة الجيش قطبة بن قتادة رجل من بني عذرة ، وعلى الميسرة أنصاريٌّ يقال له عبادة بن مالك .
والتحم الجيشان وحمي الوطيس ، واقتتلوا قتالا شديداً ، وقتل أول قادة المسلمين زيد بن حارثة رضي الله عنه ، مقبلاً غير مدبر ، فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب بيمينه ، وأخذ ينشد :
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
علي إن لاقيتها ضرابها
فقطعت يمينه رضي الله عنه ، فأخذ الراية بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه حتى قتل رضي الله عنه ، فأخذ الراية عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ، ثم تقدم بها على فرسه فجعل يستنزل نفسه ، ويقول :
قسمت يا نفس لتنزلن لتنزلن أو لتكرهنه
إن أجلب الناس وشدوا الرنة ما لي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة هل أنت إلا نطفة في شنة
وقال أيضا :
يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت
ولما نزل أتاه ابن عم له بقطعة لحم ، فقال : اشدد بها صلبك ، فإنك قد لقيت أيامك هذه ما لقيت ، فأخذه من يده ، فنهش منه نهشة ، ثم سمع تدافع الناس للقتال فقال : وأنت في الدنيا ! ثم ألقاه من يده ، وأخذ سيفه ، فتقدم فقاتل حتى قُتل ، ثم أخذ الراية ثابت بن أرقم بن ثعلبة الأنصاري فقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم ، فقالوا : أنت فقال : ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد .
وقد سارع الوحي إلى إبلاغ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحداث المعركة ، فعن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيدا و جعفرا و ابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال : (أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم ) رواه البخاري .
وبعد أن استلم الإمرة خالد أراد أن ينقذ الجيش الإسلامي بطريقة تحفظ له كيانه وتبقي هيبته ، وقدّر أن الحل يكمن بالانسحاب بعد إرهاب العدوّ وإيهامه بوصول إمدادات جديدة ، فصمد حتى الليل واستغلّ الظلام ليغيّر مراكز المقاتلين ، وحوَّل الميسرة ميمنة ، والميمنة ميسرة ، والمؤخرة مقدمة والعكس ، وطلب من خيّالة المسلمين اصطناع غبارٍ وجلبة قويّة ، فظن الروم أن المسلمين جاءهم مدد ، فخارت عزائمهم ، واشتدّ عليهم المسلمون حتى يقول خالد رضي الله عنه : لقد انقطعت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما بقي في يدي إلا صفيحة يمانية ، وهكذا نجح خالد في العودة بالجيش إلى المدينة بأقلّ خسارة ممكنة ، وقُتل من الروم خلقٌ كثير لا يُعرف عددهم وكان في ذلك نصرٌ كبير للإسلام والمسلمين .
ولما وصل خالد إلى المدينة ، أخذ بعض المسلمين في عتاب من فرّ في بداية المعركة ، فخشي أولئك من غضب الله ورسوله حتى همّوا أن يركبوالبحر ، ثم قالوا : لو عرضنا أنفسنا على رسول الله ، فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا ، فأتوه قبل صلاة الغداة فخرج فقال : (من القوم ) ؟ فقالوا : نحن الفرارون فقال : (لا ، بل أنتم الكرارون ، أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين ) فأتوه وقبلوا يده الشريفة .
هذه هي غزوة مؤتة تكاد تتفجر عظة وعبرة ، فما إن يقرأ القارئ هذه الأحداث إلا ويجد الإعجاب قد عقد لسانه ، فأي بشر هؤلاء ، يقفون بجيش قوامه ثلاثة آلاف مقاتل أمام جيش هائل قوامه مائتي ألف مقاتل ، إن تصورا سريعا للقوتين ليعطي نتائج حاسمة بانتصار الجيش الكبير على الجيش المقابل ، ومع ذلك يتقدم المسلمون على قلة عددهم ، وضعف عُدَدَهِم - آلة الحرب - ليضربوا أعظم صور التضحية والفداء ، بل ولينتصروا على ذلك العدو ، في أعظم مهزلة يتعرض لها جيش الإمبراطورية الرومانية ، إن غزوة مؤتة بكل المقاييس العسكرية معجزة من المعجزات ، وكرامة من الكرامات ، لقد وضعت معركة مؤتة القاعدة العسكرية الإسلامية في مواجهة العدو ، فنحن لا نقاتل بعدد ولا عدة ولكن نقاتل بهذا الدين ، فإذا تمحض قتالنا نصرة لدين الله ، وقمنا - ما استطعنا - بما أوجبه الله علينا من الأخذ بالأسباب الظاهرة ، كان النصر حليفنا بإذن الله .
إن ما يتمتع به المسلم من حب البذل والتضحية بالنفس والمال في سبيل هذا الدين نابع من إيمانه بالله ويقينه بما عنده ، فهل تُحيا في الأمة هذه البسالة ، وهل نستخلص من غزوة مؤتة - خاصة - وتاريخ المسلمين الجهادي - عامة - دروسا تزرع التضحية والفداء في قلوب فتيانه حتى يعود للأمة سابق مجدها وغابر عزها .

غزوة خيبر


غزوة خيبر
منذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار دعوته، كان اليهود لا يتركون فرصة إلا ويغتنمونها لإيذائه وإيذاء أصحابه علنا وفي الخفاء، يكيدون المكائد ويضمرون الخبث والكراهية والحقد ويعلنونها فتنا وحروبا على المسلمين.
ولكن غزوة خيبر التي حصلت في السنة السابعة للهجرة كانت حربا فاصلة أظهر الله تعالى فيها النصر في تفوق المسلمين رغم قلتهم على عدوهم المدعم بعدده وعتاده.
سبق معركة خيبر صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، والذي اتفق فيه أن لا يساعدوا أحدا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ما أفقد اليهود مساندة كثيرة من العرب، فكان الحل عندهم بأن تتجمع وتتحالف كل قواهم لتقوى شوكتهم في مواجهة المسلمين. وهذا ما تم حيث تحصن كثير من يهود الحجاز في ناحية تدعى خيبر تبعد نحو مائة ميل شمال المدينة المنورة.
و خيبر عبارة عن أرض واسعة ذات واحات خصبة يكثر فيها النخيل وتضم حصونا منيعة لليهود مقسمة إلى ثلاث مناطق قتالية محصنة. ومع كل هذه القوة الظاهرة فقد كان الكفار جبناء أثناء المعارك لا يحاربون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، وقد أعلم الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فوضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطته على أساس مفاجأتهم وهم في حصونهم وأثناء شعورهم بالأمن.
خرج جيش المجاهدين بقيادة أشجع الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين الذين عشقوا الشهادة في سبيل الله وفيهم مائتا فارس، ونزلوا واديا اسمه الرجيع ليمنعوا قبيلة غطفان من مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين وفي خيبر، فلما خرجت قبيلة غطفان وتركت ديارها سمعوا خلفهم حسا فظنوا أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم فرجعوا خائفين على أموالهم وديارهم ولم يحاربوا المسلمين الذين أكملوا سيرهم إلى خيبر.
وأثناء المسير الطويل شغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرءان وذكر الله تعالى وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم يشجعهم على المضي للجهاد قائلا:
والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة عندما سمع ما في هذه الكلمات من الحماس والتشجيع.
ووصل جيش المسلمين ليلا إلى مشارف خيبر وظهرت حصونها فعسكروا حولها ووقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه يدعو الله تعالى. وفي الصباح، استيقظ أهلها ليجدوا أنهم محاصرون ومحاطون بعسكر المسلمين، فدب في نفوسهم الرعب واستعدوا للحرب، ثم نادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: "الله أكبر خربت خيبر" فرددها الصحابة خلفه فأيقن اليهود أنهم مغلوبون.
رميت السهام كشهب النار فوق أول الحصون وهو يدعى حصن ناعم ما دفع بأهله إلى الهرب والالتجاء إلى ما جاوره من حصون. وقتل عنده الصحابي الجليل محمود بن مسلمة، قتله يهودي اسمه مرحب بضربة في رأسه. وفي أثناء المعركة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل المحيط بالحصون حتى ينكشف اليهود إذا ما هجموا على المسلمين، وقد أغاظهم هذا كثيرا، ثم مالبث أن تسلم الراية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأغار على بعض الحصون وتبعه سيدنا عمر رضي الله عنه في غارات سريعة فأسر يهوديا من أهل خيبر أعلم المسلمين أن اليهود خرجوا من حصن النطاة وتسللوا إلى حصن ءاخر اسمه الشق فحاصروه، وترامى الطرفان فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى ورمى بها الحصن فاهتز بأهله حتى كأنه غرق في الأرض، فدخله المسلمون وأخذوه.
بقي حصون منها الصعب والوطيح والسلالم والقموص وقد تحصن بها اليهود أشد التحصين، ولكن ذلك لم يمنع المسلمين من تقوية الحصار عليهم.
ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته المجاهدين: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار" ثم دعا عليا رضي الله عنه وكان قد أصيب بمرض في عينيه، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فشفي بإذن الله، وأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم بمن معه، فلما اقترب من أحد الحصون الباقية خرج إليه بعض اليهود فقاتلهم، إلا أنه تلقى ضربة فوقع الترس منه، عندها حصلت له كرامة عظيمة كونه وليا من أولياء الله الصالحين، فقد تناول بابا كان عند الحصن وجعله ترسا أبقاه في يده يقاتل به حتى فتح الله على يديه، ثم ألقى الباب وجاء ثمانية من الصحابة ليقلبوا هذا الباب فما استطاعوا.ِ
استمر القتال وهجم المسلمون هجمة قوية على حصن الصعب بقيادة الحصابي الفاضل حباب بن المنذر، فخرج منه يهودي متعجرف هو نفسه مرحب الذي قتل الصحابي محمود بن مسلمة ونادى: "من يبارزني؟" فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابي محمد بن مسلمة شقيق محمود ليبارزه ويأخذ بثأر أخيه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "اللهم أعنه عليه"، فتقاتلا طويلا ثم عاجله محمد بضربة قاصمة قتلته، وقيل إن الذي قتل اليهودي مرحب هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يصمد حصن الصعب طويلا حتى فتح ودخله المسلمون منتصرين، وكان في الحصن الكثير من التمر والزبيب والعسل والسمن فأكل المسلمون حاجتهم منه بعد ما نالهم الكثير من التعب والجوع، ووجدوا فيه الكثير من السيوف والدروع والنبال وغيرها من العتاد الحربي الذي استعملوه في حربهم فنفعهم نفعا كبيرا.
وتجدد القتال إذ ما زالت بعض الحصون لم تسقط، وبقي اليهود يهربون إلى أن وصلوا إلى حصن ءاخر هو حصن الزبير فلحق بهم المسلمون وحاصروهم ثلاثة أيام ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الماء عنهم لإجبارهم على الخروج، فما كان من اليهود إلا أن فتحوا الحصن وخرجوا منه يقاتلون وجها لوجه، فقهروا وكان النصر حليفا للمسلمين.
وتداعت حصون خيبر على هذا النحو وسقط حصن الوطيح والسلالم وكانا ءاخر ما افتتح، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب، واستسلموا على أن لا يقتل منهم أحد ويتخلوا عن حصونهم كلها بما فيها من أموال ومتاع.
وهكذا غُلب اليهود وذهبت فوتهم وأصبح المسلمون في مأمن من ناحية الشمال إلى جهة بلاد الشام بعدما أصبحوا في مأمن من ناحية الجنوب.
وكان فتح خيبر حدثا عظيما اهتزت له أركان قريش، فقد كان نبأ انتصار المسلمين على اليهود مذهلا ومروعا عند قريش، إذ كانوا لا يتوقعون انهيار حصون خيبر المنيعة، ولا اليهود أنفسهم كانوا يتوقعون غزو المسلمين لهم.
فانظروا كيف أن اليهود الذين كانوا عشرة أضعاف جيش المسلمين ومعهم السلاح الكثير، وفي حصون منيعة هزموا من المسلمين القليلي العدد والعدة، الذين كانوا في أرض مكشوفة، غير محصنين، ولا يملكون السلاح الكافي ولا الطعام المخزون، وهذا ليس إلا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينصرون دين الله تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ينصر دين الله فالله ناصره.

غزوة خيبر

غزوة خيبر
منذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار دعوته، كان اليهود لا يتركون فرصة إلا ويغتنمونها لإيذائه وإيذاء أصحابه علنا وفي الخفاء، يكيدون المكائد ويضمرون الخبث والكراهية والحقد ويعلنونها فتنا وحروبا على المسلمين.
ولكن غزوة خيبر التي حصلت في السنة السابعة للهجرة كانت حربا فاصلة أظهر الله تعالى فيها النصر في تفوق المسلمين رغم قلتهم على عدوهم المدعم بعدده وعتاده.
سبق معركة خيبر صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، والذي اتفق فيه أن لا يساعدوا أحدا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ما أفقد اليهود مساندة كثيرة من العرب، فكان الحل عندهم بأن تتجمع وتتحالف كل قواهم لتقوى شوكتهم في مواجهة المسلمين. وهذا ما تم حيث تحصن كثير من يهود الحجاز في ناحية تدعى خيبر تبعد نحو مائة ميل شمال المدينة المنورة.
و خيبر عبارة عن أرض واسعة ذات واحات خصبة يكثر فيها النخيل وتضم حصونا منيعة لليهود مقسمة إلى ثلاث مناطق قتالية محصنة. ومع كل هذه القوة الظاهرة فقد كان الكفار جبناء أثناء المعارك لا يحاربون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، وقد أعلم الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فوضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطته على أساس مفاجأتهم وهم في حصونهم وأثناء شعورهم بالأمن.
خرج جيش المجاهدين بقيادة أشجع الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين الذين عشقوا الشهادة في سبيل الله وفيهم مائتا فارس، ونزلوا واديا اسمه الرجيع ليمنعوا قبيلة غطفان من مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين وفي خيبر، فلما خرجت قبيلة غطفان وتركت ديارها سمعوا خلفهم حسا فظنوا أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم فرجعوا خائفين على أموالهم وديارهم ولم يحاربوا المسلمين الذين أكملوا سيرهم إلى خيبر.
وأثناء المسير الطويل شغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرءان وذكر الله تعالى وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم يشجعهم على المضي للجهاد قائلا:
والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة عندما سمع ما في هذه الكلمات من الحماس والتشجيع.
ووصل جيش المسلمين ليلا إلى مشارف خيبر وظهرت حصونها فعسكروا حولها ووقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه يدعو الله تعالى. وفي الصباح، استيقظ أهلها ليجدوا أنهم محاصرون ومحاطون بعسكر المسلمين، فدب في نفوسهم الرعب واستعدوا للحرب، ثم نادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: "الله أكبر خربت خيبر" فرددها الصحابة خلفه فأيقن اليهود أنهم مغلوبون.
رميت السهام كشهب النار فوق أول الحصون وهو يدعى حصن ناعم ما دفع بأهله إلى الهرب والالتجاء إلى ما جاوره من حصون. وقتل عنده الصحابي الجليل محمود بن مسلمة، قتله يهودي اسمه مرحب بضربة في رأسه. وفي أثناء المعركة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل المحيط بالحصون حتى ينكشف اليهود إذا ما هجموا على المسلمين، وقد أغاظهم هذا كثيرا، ثم مالبث أن تسلم الراية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأغار على بعض الحصون وتبعه سيدنا عمر رضي الله عنه في غارات سريعة فأسر يهوديا من أهل خيبر أعلم المسلمين أن اليهود خرجوا من حصن النطاة وتسللوا إلى حصن ءاخر اسمه الشق فحاصروه، وترامى الطرفان فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى ورمى بها الحصن فاهتز بأهله حتى كأنه غرق في الأرض، فدخله المسلمون وأخذوه.
بقي حصون منها الصعب والوطيح والسلالم والقموص وقد تحصن بها اليهود أشد التحصين، ولكن ذلك لم يمنع المسلمين من تقوية الحصار عليهم.
ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته المجاهدين: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار" ثم دعا عليا رضي الله عنه وكان قد أصيب بمرض في عينيه، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فشفي بإذن الله، وأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم بمن معه، فلما اقترب من أحد الحصون الباقية خرج إليه بعض اليهود فقاتلهم، إلا أنه تلقى ضربة فوقع الترس منه، عندها حصلت له كرامة عظيمة كونه وليا من أولياء الله الصالحين، فقد تناول بابا كان عند الحصن وجعله ترسا أبقاه في يده يقاتل به حتى فتح الله على يديه، ثم ألقى الباب وجاء ثمانية من الصحابة ليقلبوا هذا الباب فما استطاعوا.ِ
استمر القتال وهجم المسلمون هجمة قوية على حصن الصعب بقيادة الحصابي الفاضل حباب بن المنذر، فخرج منه يهودي متعجرف هو نفسه مرحب الذي قتل الصحابي محمود بن مسلمة ونادى: "من يبارزني؟" فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابي محمد بن مسلمة شقيق محمود ليبارزه ويأخذ بثأر أخيه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "اللهم أعنه عليه"، فتقاتلا طويلا ثم عاجله محمد بضربة قاصمة قتلته، وقيل إن الذي قتل اليهودي مرحب هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يصمد حصن الصعب طويلا حتى فتح ودخله المسلمون منتصرين، وكان في الحصن الكثير من التمر والزبيب والعسل والسمن فأكل المسلمون حاجتهم منه بعد ما نالهم الكثير من التعب والجوع، ووجدوا فيه الكثير من السيوف والدروع والنبال وغيرها من العتاد الحربي الذي استعملوه في حربهم فنفعهم نفعا كبيرا.
وتجدد القتال إذ ما زالت بعض الحصون لم تسقط، وبقي اليهود يهربون إلى أن وصلوا إلى حصن ءاخر هو حصن الزبير فلحق بهم المسلمون وحاصروهم ثلاثة أيام ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الماء عنهم لإجبارهم على الخروج، فما كان من اليهود إلا أن فتحوا الحصن وخرجوا منه يقاتلون وجها لوجه، فقهروا وكان النصر حليفا للمسلمين.
وتداعت حصون خيبر على هذا النحو وسقط حصن الوطيح والسلالم وكانا ءاخر ما افتتح، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب، واستسلموا على أن لا يقتل منهم أحد ويتخلوا عن حصونهم كلها بما فيها من أموال ومتاع.
وهكذا غُلب اليهود وذهبت فوتهم وأصبح المسلمون في مأمن من ناحية الشمال إلى جهة بلاد الشام بعدما أصبحوا في مأمن من ناحية الجنوب.
وكان فتح خيبر حدثا عظيما اهتزت له أركان قريش، فقد كان نبأ انتصار المسلمين على اليهود مذهلا ومروعا عند قريش، إذ كانوا لا يتوقعون انهيار حصون خيبر المنيعة، ولا اليهود أنفسهم كانوا يتوقعون غزو المسلمين لهم.
فانظروا كيف أن اليهود الذين كانوا عشرة أضعاف جيش المسلمين ومعهم السلاح الكثير، وفي حصون منيعة هزموا من المسلمين القليلي العدد والعدة، الذين كانوا في أرض مكشوفة، غير محصنين، ولا يملكون السلاح الكافي ولا الطعام المخزون، وهذا ليس إلا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينصرون دين الله تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ينصر دين الله فالله ناصره.

غزوة خيبر

غزوة خيبر
منذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار دعوته، كان اليهود لا يتركون فرصة إلا ويغتنمونها لإيذائه وإيذاء أصحابه علنا وفي الخفاء، يكيدون المكائد ويضمرون الخبث والكراهية والحقد ويعلنونها فتنا وحروبا على المسلمين.
ولكن غزوة خيبر التي حصلت في السنة السابعة للهجرة كانت حربا فاصلة أظهر الله تعالى فيها النصر في تفوق المسلمين رغم قلتهم على عدوهم المدعم بعدده وعتاده.
سبق معركة خيبر صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، والذي اتفق فيه أن لا يساعدوا أحدا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ما أفقد اليهود مساندة كثيرة من العرب، فكان الحل عندهم بأن تتجمع وتتحالف كل قواهم لتقوى شوكتهم في مواجهة المسلمين. وهذا ما تم حيث تحصن كثير من يهود الحجاز في ناحية تدعى خيبر تبعد نحو مائة ميل شمال المدينة المنورة.
و خيبر عبارة عن أرض واسعة ذات واحات خصبة يكثر فيها النخيل وتضم حصونا منيعة لليهود مقسمة إلى ثلاث مناطق قتالية محصنة. ومع كل هذه القوة الظاهرة فقد كان الكفار جبناء أثناء المعارك لا يحاربون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، وقد أعلم الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فوضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطته على أساس مفاجأتهم وهم في حصونهم وأثناء شعورهم بالأمن.
خرج جيش المجاهدين بقيادة أشجع الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين الذين عشقوا الشهادة في سبيل الله وفيهم مائتا فارس، ونزلوا واديا اسمه الرجيع ليمنعوا قبيلة غطفان من مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين وفي خيبر، فلما خرجت قبيلة غطفان وتركت ديارها سمعوا خلفهم حسا فظنوا أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم فرجعوا خائفين على أموالهم وديارهم ولم يحاربوا المسلمين الذين أكملوا سيرهم إلى خيبر.
وأثناء المسير الطويل شغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرءان وذكر الله تعالى وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم يشجعهم على المضي للجهاد قائلا:
والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة عندما سمع ما في هذه الكلمات من الحماس والتشجيع.
ووصل جيش المسلمين ليلا إلى مشارف خيبر وظهرت حصونها فعسكروا حولها ووقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه يدعو الله تعالى. وفي الصباح، استيقظ أهلها ليجدوا أنهم محاصرون ومحاطون بعسكر المسلمين، فدب في نفوسهم الرعب واستعدوا للحرب، ثم نادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: "الله أكبر خربت خيبر" فرددها الصحابة خلفه فأيقن اليهود أنهم مغلوبون.
رميت السهام كشهب النار فوق أول الحصون وهو يدعى حصن ناعم ما دفع بأهله إلى الهرب والالتجاء إلى ما جاوره من حصون. وقتل عنده الصحابي الجليل محمود بن مسلمة، قتله يهودي اسمه مرحب بضربة في رأسه. وفي أثناء المعركة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل المحيط بالحصون حتى ينكشف اليهود إذا ما هجموا على المسلمين، وقد أغاظهم هذا كثيرا، ثم مالبث أن تسلم الراية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأغار على بعض الحصون وتبعه سيدنا عمر رضي الله عنه في غارات سريعة فأسر يهوديا من أهل خيبر أعلم المسلمين أن اليهود خرجوا من حصن النطاة وتسللوا إلى حصن ءاخر اسمه الشق فحاصروه، وترامى الطرفان فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى ورمى بها الحصن فاهتز بأهله حتى كأنه غرق في الأرض، فدخله المسلمون وأخذوه.
بقي حصون منها الصعب والوطيح والسلالم والقموص وقد تحصن بها اليهود أشد التحصين، ولكن ذلك لم يمنع المسلمين من تقوية الحصار عليهم.
ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته المجاهدين: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار" ثم دعا عليا رضي الله عنه وكان قد أصيب بمرض في عينيه، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فشفي بإذن الله، وأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم بمن معه، فلما اقترب من أحد الحصون الباقية خرج إليه بعض اليهود فقاتلهم، إلا أنه تلقى ضربة فوقع الترس منه، عندها حصلت له كرامة عظيمة كونه وليا من أولياء الله الصالحين، فقد تناول بابا كان عند الحصن وجعله ترسا أبقاه في يده يقاتل به حتى فتح الله على يديه، ثم ألقى الباب وجاء ثمانية من الصحابة ليقلبوا هذا الباب فما استطاعوا.ِ
استمر القتال وهجم المسلمون هجمة قوية على حصن الصعب بقيادة الحصابي الفاضل حباب بن المنذر، فخرج منه يهودي متعجرف هو نفسه مرحب الذي قتل الصحابي محمود بن مسلمة ونادى: "من يبارزني؟" فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابي محمد بن مسلمة شقيق محمود ليبارزه ويأخذ بثأر أخيه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "اللهم أعنه عليه"، فتقاتلا طويلا ثم عاجله محمد بضربة قاصمة قتلته، وقيل إن الذي قتل اليهودي مرحب هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يصمد حصن الصعب طويلا حتى فتح ودخله المسلمون منتصرين، وكان في الحصن الكثير من التمر والزبيب والعسل والسمن فأكل المسلمون حاجتهم منه بعد ما نالهم الكثير من التعب والجوع، ووجدوا فيه الكثير من السيوف والدروع والنبال وغيرها من العتاد الحربي الذي استعملوه في حربهم فنفعهم نفعا كبيرا.
وتجدد القتال إذ ما زالت بعض الحصون لم تسقط، وبقي اليهود يهربون إلى أن وصلوا إلى حصن ءاخر هو حصن الزبير فلحق بهم المسلمون وحاصروهم ثلاثة أيام ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الماء عنهم لإجبارهم على الخروج، فما كان من اليهود إلا أن فتحوا الحصن وخرجوا منه يقاتلون وجها لوجه، فقهروا وكان النصر حليفا للمسلمين.
وتداعت حصون خيبر على هذا النحو وسقط حصن الوطيح والسلالم وكانا ءاخر ما افتتح، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب، واستسلموا على أن لا يقتل منهم أحد ويتخلوا عن حصونهم كلها بما فيها من أموال ومتاع.
وهكذا غُلب اليهود وذهبت فوتهم وأصبح المسلمون في مأمن من ناحية الشمال إلى جهة بلاد الشام بعدما أصبحوا في مأمن من ناحية الجنوب.
وكان فتح خيبر حدثا عظيما اهتزت له أركان قريش، فقد كان نبأ انتصار المسلمين على اليهود مذهلا ومروعا عند قريش، إذ كانوا لا يتوقعون انهيار حصون خيبر المنيعة، ولا اليهود أنفسهم كانوا يتوقعون غزو المسلمين لهم.
فانظروا كيف أن اليهود الذين كانوا عشرة أضعاف جيش المسلمين ومعهم السلاح الكثير، وفي حصون منيعة هزموا من المسلمين القليلي العدد والعدة، الذين كانوا في أرض مكشوفة، غير محصنين، ولا يملكون السلاح الكافي ولا الطعام المخزون، وهذا ليس إلا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينصرون دين الله تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ينصر دين الله فالله ناصره.

غزوة خيبر

غزوة خيبر
منذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار دعوته، كان اليهود لا يتركون فرصة إلا ويغتنمونها لإيذائه وإيذاء أصحابه علنا وفي الخفاء، يكيدون المكائد ويضمرون الخبث والكراهية والحقد ويعلنونها فتنا وحروبا على المسلمين.
ولكن غزوة خيبر التي حصلت في السنة السابعة للهجرة كانت حربا فاصلة أظهر الله تعالى فيها النصر في تفوق المسلمين رغم قلتهم على عدوهم المدعم بعدده وعتاده.
سبق معركة خيبر صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، والذي اتفق فيه أن لا يساعدوا أحدا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ما أفقد اليهود مساندة كثيرة من العرب، فكان الحل عندهم بأن تتجمع وتتحالف كل قواهم لتقوى شوكتهم في مواجهة المسلمين. وهذا ما تم حيث تحصن كثير من يهود الحجاز في ناحية تدعى خيبر تبعد نحو مائة ميل شمال المدينة المنورة.
و خيبر عبارة عن أرض واسعة ذات واحات خصبة يكثر فيها النخيل وتضم حصونا منيعة لليهود مقسمة إلى ثلاث مناطق قتالية محصنة. ومع كل هذه القوة الظاهرة فقد كان الكفار جبناء أثناء المعارك لا يحاربون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، وقد أعلم الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فوضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطته على أساس مفاجأتهم وهم في حصونهم وأثناء شعورهم بالأمن.
خرج جيش المجاهدين بقيادة أشجع الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين الذين عشقوا الشهادة في سبيل الله وفيهم مائتا فارس، ونزلوا واديا اسمه الرجيع ليمنعوا قبيلة غطفان من مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين وفي خيبر، فلما خرجت قبيلة غطفان وتركت ديارها سمعوا خلفهم حسا فظنوا أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم فرجعوا خائفين على أموالهم وديارهم ولم يحاربوا المسلمين الذين أكملوا سيرهم إلى خيبر.
وأثناء المسير الطويل شغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرءان وذكر الله تعالى وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم يشجعهم على المضي للجهاد قائلا:
والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة عندما سمع ما في هذه الكلمات من الحماس والتشجيع.
ووصل جيش المسلمين ليلا إلى مشارف خيبر وظهرت حصونها فعسكروا حولها ووقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه يدعو الله تعالى. وفي الصباح، استيقظ أهلها ليجدوا أنهم محاصرون ومحاطون بعسكر المسلمين، فدب في نفوسهم الرعب واستعدوا للحرب، ثم نادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: "الله أكبر خربت خيبر" فرددها الصحابة خلفه فأيقن اليهود أنهم مغلوبون.
رميت السهام كشهب النار فوق أول الحصون وهو يدعى حصن ناعم ما دفع بأهله إلى الهرب والالتجاء إلى ما جاوره من حصون. وقتل عنده الصحابي الجليل محمود بن مسلمة، قتله يهودي اسمه مرحب بضربة في رأسه. وفي أثناء المعركة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل المحيط بالحصون حتى ينكشف اليهود إذا ما هجموا على المسلمين، وقد أغاظهم هذا كثيرا، ثم مالبث أن تسلم الراية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأغار على بعض الحصون وتبعه سيدنا عمر رضي الله عنه في غارات سريعة فأسر يهوديا من أهل خيبر أعلم المسلمين أن اليهود خرجوا من حصن النطاة وتسللوا إلى حصن ءاخر اسمه الشق فحاصروه، وترامى الطرفان فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى ورمى بها الحصن فاهتز بأهله حتى كأنه غرق في الأرض، فدخله المسلمون وأخذوه.
بقي حصون منها الصعب والوطيح والسلالم والقموص وقد تحصن بها اليهود أشد التحصين، ولكن ذلك لم يمنع المسلمين من تقوية الحصار عليهم.
ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته المجاهدين: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار" ثم دعا عليا رضي الله عنه وكان قد أصيب بمرض في عينيه، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فشفي بإذن الله، وأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم بمن معه، فلما اقترب من أحد الحصون الباقية خرج إليه بعض اليهود فقاتلهم، إلا أنه تلقى ضربة فوقع الترس منه، عندها حصلت له كرامة عظيمة كونه وليا من أولياء الله الصالحين، فقد تناول بابا كان عند الحصن وجعله ترسا أبقاه في يده يقاتل به حتى فتح الله على يديه، ثم ألقى الباب وجاء ثمانية من الصحابة ليقلبوا هذا الباب فما استطاعوا.ِ
استمر القتال وهجم المسلمون هجمة قوية على حصن الصعب بقيادة الحصابي الفاضل حباب بن المنذر، فخرج منه يهودي متعجرف هو نفسه مرحب الذي قتل الصحابي محمود بن مسلمة ونادى: "من يبارزني؟" فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابي محمد بن مسلمة شقيق محمود ليبارزه ويأخذ بثأر أخيه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "اللهم أعنه عليه"، فتقاتلا طويلا ثم عاجله محمد بضربة قاصمة قتلته، وقيل إن الذي قتل اليهودي مرحب هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يصمد حصن الصعب طويلا حتى فتح ودخله المسلمون منتصرين، وكان في الحصن الكثير من التمر والزبيب والعسل والسمن فأكل المسلمون حاجتهم منه بعد ما نالهم الكثير من التعب والجوع، ووجدوا فيه الكثير من السيوف والدروع والنبال وغيرها من العتاد الحربي الذي استعملوه في حربهم فنفعهم نفعا كبيرا.
وتجدد القتال إذ ما زالت بعض الحصون لم تسقط، وبقي اليهود يهربون إلى أن وصلوا إلى حصن ءاخر هو حصن الزبير فلحق بهم المسلمون وحاصروهم ثلاثة أيام ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الماء عنهم لإجبارهم على الخروج، فما كان من اليهود إلا أن فتحوا الحصن وخرجوا منه يقاتلون وجها لوجه، فقهروا وكان النصر حليفا للمسلمين.
وتداعت حصون خيبر على هذا النحو وسقط حصن الوطيح والسلالم وكانا ءاخر ما افتتح، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب، واستسلموا على أن لا يقتل منهم أحد ويتخلوا عن حصونهم كلها بما فيها من أموال ومتاع.
وهكذا غُلب اليهود وذهبت فوتهم وأصبح المسلمون في مأمن من ناحية الشمال إلى جهة بلاد الشام بعدما أصبحوا في مأمن من ناحية الجنوب.
وكان فتح خيبر حدثا عظيما اهتزت له أركان قريش، فقد كان نبأ انتصار المسلمين على اليهود مذهلا ومروعا عند قريش، إذ كانوا لا يتوقعون انهيار حصون خيبر المنيعة، ولا اليهود أنفسهم كانوا يتوقعون غزو المسلمين لهم.
فانظروا كيف أن اليهود الذين كانوا عشرة أضعاف جيش المسلمين ومعهم السلاح الكثير، وفي حصون منيعة هزموا من المسلمين القليلي العدد والعدة، الذين كانوا في أرض مكشوفة، غير محصنين، ولا يملكون السلاح الكافي ولا الطعام المخزون، وهذا ليس إلا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينصرون دين الله تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ينصر دين الله فالله ناصره.

غزوة خيبر

غزوة خيبر
منذ أن بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بإظهار دعوته، كان اليهود لا يتركون فرصة إلا ويغتنمونها لإيذائه وإيذاء أصحابه علنا وفي الخفاء، يكيدون المكائد ويضمرون الخبث والكراهية والحقد ويعلنونها فتنا وحروبا على المسلمين.
ولكن غزوة خيبر التي حصلت في السنة السابعة للهجرة كانت حربا فاصلة أظهر الله تعالى فيها النصر في تفوق المسلمين رغم قلتهم على عدوهم المدعم بعدده وعتاده.
سبق معركة خيبر صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، والذي اتفق فيه أن لا يساعدوا أحدا على محاربة النبي صلى الله عليه وسلم، ما أفقد اليهود مساندة كثيرة من العرب، فكان الحل عندهم بأن تتجمع وتتحالف كل قواهم لتقوى شوكتهم في مواجهة المسلمين. وهذا ما تم حيث تحصن كثير من يهود الحجاز في ناحية تدعى خيبر تبعد نحو مائة ميل شمال المدينة المنورة.
و خيبر عبارة عن أرض واسعة ذات واحات خصبة يكثر فيها النخيل وتضم حصونا منيعة لليهود مقسمة إلى ثلاث مناطق قتالية محصنة. ومع كل هذه القوة الظاهرة فقد كان الكفار جبناء أثناء المعارك لا يحاربون إلا من داخل حصونهم ومن وراء الجدران، وقد أعلم الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فوضع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خطته على أساس مفاجأتهم وهم في حصونهم وأثناء شعورهم بالأمن.
خرج جيش المجاهدين بقيادة أشجع الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باتجاه خيبر في ألف وستمائة من المقاتلين الذين عشقوا الشهادة في سبيل الله وفيهم مائتا فارس، ونزلوا واديا اسمه الرجيع ليمنعوا قبيلة غطفان من مساعدة اليهود في حربهم ضد المسلمين وفي خيبر، فلما خرجت قبيلة غطفان وتركت ديارها سمعوا خلفهم حسا فظنوا أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم فرجعوا خائفين على أموالهم وديارهم ولم يحاربوا المسلمين الذين أكملوا سيرهم إلى خيبر.
وأثناء المسير الطويل شغل المسلمون أنفسهم بقراءة القرءان وذكر الله تعالى وصار الصحابي الجليل عامر بن الأكوع ينشد لهم يشجعهم على المضي للجهاد قائلا:
والله لولا الله ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا

فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة عندما سمع ما في هذه الكلمات من الحماس والتشجيع.
ووصل جيش المسلمين ليلا إلى مشارف خيبر وظهرت حصونها فعسكروا حولها ووقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه يدعو الله تعالى. وفي الصباح، استيقظ أهلها ليجدوا أنهم محاصرون ومحاطون بعسكر المسلمين، فدب في نفوسهم الرعب واستعدوا للحرب، ثم نادى النبي صلى الله عليه وسلم بصوت ارتجت له حصون الكفر وقال: "الله أكبر خربت خيبر" فرددها الصحابة خلفه فأيقن اليهود أنهم مغلوبون.
رميت السهام كشهب النار فوق أول الحصون وهو يدعى حصن ناعم ما دفع بأهله إلى الهرب والالتجاء إلى ما جاوره من حصون. وقتل عنده الصحابي الجليل محمود بن مسلمة، قتله يهودي اسمه مرحب بضربة في رأسه. وفي أثناء المعركة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل المحيط بالحصون حتى ينكشف اليهود إذا ما هجموا على المسلمين، وقد أغاظهم هذا كثيرا، ثم مالبث أن تسلم الراية سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأغار على بعض الحصون وتبعه سيدنا عمر رضي الله عنه في غارات سريعة فأسر يهوديا من أهل خيبر أعلم المسلمين أن اليهود خرجوا من حصن النطاة وتسللوا إلى حصن ءاخر اسمه الشق فحاصروه، وترامى الطرفان فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم حفنة من حصى ورمى بها الحصن فاهتز بأهله حتى كأنه غرق في الأرض، فدخله المسلمون وأخذوه.
بقي حصون منها الصعب والوطيح والسلالم والقموص وقد تحصن بها اليهود أشد التحصين، ولكن ذلك لم يمنع المسلمين من تقوية الحصار عليهم.
ثم بعد ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته المجاهدين: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه، ليس بفرار" ثم دعا عليا رضي الله عنه وكان قد أصيب بمرض في عينيه، فتفل النبي صلى الله عليه وسلم فيهما فشفي بإذن الله، وأخذ الراية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم بمن معه، فلما اقترب من أحد الحصون الباقية خرج إليه بعض اليهود فقاتلهم، إلا أنه تلقى ضربة فوقع الترس منه، عندها حصلت له كرامة عظيمة كونه وليا من أولياء الله الصالحين، فقد تناول بابا كان عند الحصن وجعله ترسا أبقاه في يده يقاتل به حتى فتح الله على يديه، ثم ألقى الباب وجاء ثمانية من الصحابة ليقلبوا هذا الباب فما استطاعوا.ِ
استمر القتال وهجم المسلمون هجمة قوية على حصن الصعب بقيادة الحصابي الفاضل حباب بن المنذر، فخرج منه يهودي متعجرف هو نفسه مرحب الذي قتل الصحابي محمود بن مسلمة ونادى: "من يبارزني؟" فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحابي محمد بن مسلمة شقيق محمود ليبارزه ويأخذ بثأر أخيه، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "اللهم أعنه عليه"، فتقاتلا طويلا ثم عاجله محمد بضربة قاصمة قتلته، وقيل إن الذي قتل اليهودي مرحب هو سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولم يصمد حصن الصعب طويلا حتى فتح ودخله المسلمون منتصرين، وكان في الحصن الكثير من التمر والزبيب والعسل والسمن فأكل المسلمون حاجتهم منه بعد ما نالهم الكثير من التعب والجوع، ووجدوا فيه الكثير من السيوف والدروع والنبال وغيرها من العتاد الحربي الذي استعملوه في حربهم فنفعهم نفعا كبيرا.
وتجدد القتال إذ ما زالت بعض الحصون لم تسقط، وبقي اليهود يهربون إلى أن وصلوا إلى حصن ءاخر هو حصن الزبير فلحق بهم المسلمون وحاصروهم ثلاثة أيام ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الماء عنهم لإجبارهم على الخروج، فما كان من اليهود إلا أن فتحوا الحصن وخرجوا منه يقاتلون وجها لوجه، فقهروا وكان النصر حليفا للمسلمين.
وتداعت حصون خيبر على هذا النحو وسقط حصن الوطيح والسلالم وكانا ءاخر ما افتتح، فلما أيقن اليهود بالهلاك سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يوقف الحرب، واستسلموا على أن لا يقتل منهم أحد ويتخلوا عن حصونهم كلها بما فيها من أموال ومتاع.
وهكذا غُلب اليهود وذهبت فوتهم وأصبح المسلمون في مأمن من ناحية الشمال إلى جهة بلاد الشام بعدما أصبحوا في مأمن من ناحية الجنوب.
وكان فتح خيبر حدثا عظيما اهتزت له أركان قريش، فقد كان نبأ انتصار المسلمين على اليهود مذهلا ومروعا عند قريش، إذ كانوا لا يتوقعون انهيار حصون خيبر المنيعة، ولا اليهود أنفسهم كانوا يتوقعون غزو المسلمين لهم.
فانظروا كيف أن اليهود الذين كانوا عشرة أضعاف جيش المسلمين ومعهم السلاح الكثير، وفي حصون منيعة هزموا من المسلمين القليلي العدد والعدة، الذين كانوا في أرض مكشوفة، غير محصنين، ولا يملكون السلاح الكافي ولا الطعام المخزون، وهذا ليس إلا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينصرون دين الله تحت لواء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ينصر دين الله فالله ناصره.