الأحد، 5 سبتمبر 2010

كيفية احياء ليالى رمضان


كيفية احياء ليالى رمضان
قال تعالى } شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ{
قال رسول - كل عمل أبن آدم له، الحسنه بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، يقول الله عز وجل إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان، فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك } [أخرجه البخاري ومسلم]، وقال } { من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه }[أخرجه البخاري ومسلم
امتن الله على عباده بمواسم الخيرات التي تضاعف فيها الحسنات، وتُمحى السيئات، وتُرفع الدرجات، وتتوجه فيها نفوس المؤمنين إلى مولاها، فيفلح من يزكيها ويخيب من يدسيها.
ومن أعظم هذه المواسم المباركة شهر الصيام الذي فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران،وتصفد الشياطين، وتضاعف الحسنات، وشهر كهذا لا بد أن تستغل أوقاته، وتستثمر أنفاسه، وتعمَر لياليه، لكن كيف يكون ذلك؟
من أعظم ما يعمر المسلم به أوقات هذا الشهر الكريم، وما تستغل به أوقاته، أمور نذكر منها:
- 1صيام هذا الشهر الكريم: فالصيام راحة للنفس يستفرغ منها المواد الفاسدة، ويريح المعدة، ويصفي الدم، ويطلق عمل القلب، فتشرق به الروح، وتصفو به النفس، وتهذب به الأخلاق، وإذا صام الصائم ذلَّت نفسه، وانكسر قلبه، وخفت مطامعه، وذهبت شهواته، لذلك تكون دعوته مستجابة لقربه من الله - عز وجل -.
وفي الصيام سر عظيم هو امتثال عبودية الله - عز وجل -، والإذعان لأمره، والتسليم لشرعه، وترك شهوة الطعام والشراب والجماع لمرضاته، وفيه انتصار للمسلم على هواه، وتفوق للمؤمن على نفسه، فهو نصف الصبر، ومن لم يستطع الصيام بلا عذر فلن يقهر نفسه، ولن يغلب هواه.
2 - قراءة القرآن الكريم: وتدبر معانيه، والتفكر في أحكامه، فإن القرآن الكريم يحب رمضان، ورمضان يحب القرآن الكريم، وهما كالصديقين الحميمين قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [سورة البقرة:185]، فينبغي أن يكثر المسلم من قراءته فيه، وقد كان السلف الصالح يعتنون بكتاب الله في هذا الشهر عناية عجيبة، فكان جبريل - عليه السلام - يدارس النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في رمضان، وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان.
سمعتك يا قرآن والليل غــافل سريت تهز القلب سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق صبحها وطفنا ربوع الكون نملـؤها أجـراً
3 - قيام رمضان: فرمضان شهر الصيام والقيام، وأحلى الليالي، وأغلى الساعات، يوم يقوم الصوام في جنح الظلام.
قلت لليل هل بجــوفك سر عامر بالحديث والأســـرار
قال لم ألق في حياتي حديثـاً كحديث الأحباب في الأسحار
جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري:37، ومسلم:759]، وقد كان قيام الليل دأب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: "لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً" [سنن أبي داود:1112، وصححه الألباني في صحيح أبي داود:1/243
4 - الصدقة: على المساكين والأرامل واليتامى، وتفطير الصائمين، وغير ذلك من وجوه الخير، وفضل الصدقة عظيم، وثوابها عند الله جزيل، وينبغي للصائم أن يحرص على الإكثار منها دائماً، وأن يضاعف إنفاقه في وجوه الخير، اقتداءً بنبي الهدى - صلى الله عليه وسلم - الذي كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان يقول - عليه الصلاة والسلام -: «من فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» [رواه الترمذي:807، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب:1/260
5 - العمرة في رمضان: فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عمرة في رمضان تقضي حجة معي» [أخرجه البخاري:1730، ومسلم:2201، واللفظ للبخاري]، فهنيئاً لك أخي زيارة تلك المشاعر المقدسة، وهنيئاً لك حجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم-.
6 - الاعتكاف: فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى كان آخر رمضان صامه اعتكف عشرين يوماً من رمضان.
فالاعتكاف من السنن المهجورة التي هجرها كثير من الناس، والتي ينبغي على العلماء والدعاة وأهل الفضل أن يقوموا بإحيائها في أنفسهم ويدعوا الناس إلى إحيائها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
والاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله، والانقطاع لعبادته، والتفرغ من شواغل الحياة.
فيستحبُّ للمعتكف أن يشتغل بذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة والدعاء والمناجاة ومدارسة العلم

ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته من التقبيل واللمس بشهوة لقوله تعالى): ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) البقرة 187
ولا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إلا لحاجة ضرورية كالوضوء والغسل والأكل والشرب، فإن تيسر له ذلك في المسجد لم يجز له الخروج
ولا يخرج لعبادة لا تجب عليه كاتباع جنارة وعيادة مريض ونحو ذلك، ولا يخرج لبيع أو شراء أو زيارة أقارب أو غير ذلك
ويستحب للمعتكف أن يجعل له مكانا في المسجد ينقطع فيه عن الناس، ويتفرغ لعبادة الله عز وجل، وإن جعل له خباءً أو مكاناً مستوراً
عن عائشة رضي الله عنها قالت ( كان النبي صلى الله عله وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) متفق عليه وفي لفظ ) كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوما ) رواه البخاري
* الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس:
كان النبي : { إذا صلى الغداة (الفجر) جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس } [أخرجه مسلم]. وأخرج الترمذي عن أنس عن النبي أنه قال: { من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة } [صححه الألباني]، هذا في كل يوم فكيف بأيام رمضان
7 - تحري ليلة القدر: ويستحب تحريها في رمضان، وفي العشر الأواخر منه خاصةً، وفي الأوتار منها بشكل أخص.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء ، فروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر ) . ولأحمد ومسلم : ( كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها )
ويستغل شهر الصيام أيضاً بكثرة الدعاء، وحسن الخلق مع الناس، وصلة الأرحام، وغيرها من أعمال البر والخير التي تعرضك لعتق الله، إذ لله عتقاء من النار في كل ليلة من ليالي هذا الشهر، فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
بالإكثار من الاستغفار والتسبيح والتهليل والدعاء... والابتهال والتضرع إلى الله جل وعلا بأن ينصر الإسلام والمسلمين وان يجمع كلمتهم على الحق... كما تدعو لنفسك وأهلك وللمسلمين بخير الدنيا والآخرة، كما أوصيك أن تكثر من قول: { اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني } وخاصة في ليالي الوتر من العشر الأواخر... كما علم النبي عائشة رضي الله عنها أن تدعو بهذا في ليلة القدر.

فاللهم وفقنا لاغتنام أوقات هذا الشهر الكريم، واجعلنا فيه من المقبولين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق