السبت، 12 فبراير 2011

بر الوالدين


بر الوالدين

بر الوالدين هو الإحسان إليهما، وطاعتهما، وفعل الخيرات لهما، وقد جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة ، فجعل برهما والإحسان إليهما والعمل على رضاهما فرض عظيم، وذكره بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه : {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا} الإسراء: 23
وذكر القرآن}واعبدوا الله ولا تشركوا به شيءًا وبالوالدين إحسانًا} [النساء: 36]. وذكر القرآن: : } ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير} لقمان: 14
بر الوالدين بعد موتهما: فالمسلم يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما؛ بأن يدعو لهما بالرحمة والمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما.
يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهما به من بعد موتهما؟ قال : (نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌ بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما) ابن ماجه
وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات، فقال: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} إبراهيم: 41، وقال: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات}نوح: 28
قال فرج حسن البوسيفي في ميثاق البر: وقد تظافرت النصوص المقدسة على فرض البر وجعله القرآن من الميثاق قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ . وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.. قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.. وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.. فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ (لَا تَمْنَعْهُمَا شَيْئًا أَرَادَاهُ أَوْ أَحَبَّاهُ.. ولَوْ خَرَجْت مِنْ أَهْلِك وَمَالِك مَا أَدَّيْت حَقَّهُمَا) فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ (إذا بلغا من الكبر ما أن يخريا ويبولا فلا تقل لهما أف كما لم يقولا لك أف حين كنت تخرأ وتبول).. وقل لهما قولا كريما.. يا أبت، يا أمه، ولا يسميهما بأسمائهما.. وإذا دعواك فقل لهما لبيكما وسعديكما..قولا لينا سهلا. واخفض لهما جناح الذل من الرحمة..تلين لهما حتى لا يمتنعا من شيء أحباه..ولا ترفع يديك عليهما إذا كلمتهما.. وإن أغضباك، فلا تنظر إليهما شزرا( النظر بمؤخرة العين)، فإنه أول ما يعرف غضب المرء بشدة نظره إلى من غضب عليه.. فإن سباك أو لعناك فقل رحمكما الله غفر الله لكما. وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ.. وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. وعن أسماء بنت أبي بكر قالت قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت قدمت علي أمي وهي راغبة (طامعة فيما عندي تسألني الإحسان إليها) راغمة (كارهة للإسلام) أفأصل أمي قال نعم صلي أمك. ثلاث الكافر والمؤمن فيهن سواء الأمانة تؤديها إلى من ائتمنك عليها من مسلم وكافر وبر الوالدين وان كانا كافرين والعهد تفي به للمؤمن والكافر. أحب العمل إلى الله قال الصلاة على وقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله. جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما. أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال أمي قال قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد. قال طلحة بن معاوية السلمي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني أريد الجهاد في سبيل الله قال أمك حية قلت نعم قال النبي صلى الله عليه وسلم الزم رجلها فثم الجنة. قال رجل يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما قال هما جنتك ونارك. من سره أن يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه. إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر. من أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له (يعني لم يكونا سببا في غفران ذنوبه) فأبعده الله وأسحقه. رضا الله في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. طاعة الله طاعة الوالد ومعصية الله معصية الوالد. رضا الرب تبارك وتعالى في رضا الوالدين وسخط الله تبارك وتعالى في سخط الوالدين. الوالد أوسط أبواب الجنة(أي طاعته وعدم عقوقه مؤد إلى دخول الجنة من أوسط أبوابها.. وخير الأبواب وأعلاها والمعنى أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة ويتوصل به إلى الوصول إليها مطاوعة الوالد ورعاية جانبه). أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة فقال هل لك من أم قال لا قال فهل لك من خالة قال نعم قال فبرها. إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. من الكبائر شتم الرجل والديه يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وسلم من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه. كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئا، يقرأ، فقلت من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك البر كذلك البر كذلك البر قال: وكان أبر الناس بأمه. النظر إلى الوالدين عبادة والنظر إلى الكعبة عبادة والنظر في المصحف عبادة والنظر إلى أخيك حبا له في الله تعالى عبادة. إن الله تعالى ليرفع المؤمن في درجته بعد موته بدعاء ولده له من بعده وليس شيء أحط للذنوب من بر الوالدين.
عن أبي هريرة قال :" جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله :من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ ؟ قال :أمك قال:ثم من؟ قال:أمك قال: ثم من قال: أمك قال: ثم من ؟ قال: أبوك "
وفي هذا الحديث يخبرنا رسول الله أن للأم ثلاث أمثال ماللأب من البر بهما والإحسان إليهما لما لاقته من التعب في الحمل والولادة وثم الرضاعة فهذه الأمور تتفرد بها لا للأب ولكنهم يشتركان في التربية الصالحة لأبنائهم
قال تعالى: " حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين "
فليحذر كل عاقل من التقصير في حق والديه لأن عاقبة ذلك وضيمه وليكافح للوصول إلى برهما ورضاهما عليه فإذا ذهبا لا يقول ليتني فعلت كذا وكذا. حيث يجب الدعاء لهما بالرحمة والغفران.
أ / مصطفى أنورفضالة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق